قال قتادة : كلّ «ذر» في كتاب الله ـ منسوخ بالقتال (١).
(وَلِتَصْغى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا ما هُمْ مُقْتَرِفُونَ (١١٣) أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (١١٤) وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)(١١٥)
وقوله سبحانه : (وَلِتَصْغى) : معناه : لتميل ، قال (٢) الفخر : والضمير في قوله : (وَلِتَصْغى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) ـ يعود على زخرف القول ، وكذلك في قوله : (وَلِيَرْضَوْهُ) والاقتراف : معناه الاكتساب.
وقال الزجّاج : و (لِيَقْتَرِفُوا) ، أي : يختلقوا ويكذبوا ، والأول أفصح. انتهى.
والقرّاء على كسر اللام في الثلاثة الأفعال ؛ على أنها لام كي معطوفة على غرورا و (حَكَماً) أبلغ من حاكم ؛ إذ هي صيغة للعدل من الحكام ، والحاكم جار على الفعل ، فقد يقال للجائر ، و (مُفَصَّلاً) : معناه : مزال الإشكال ، والكتاب أولا هو القرآن ، وثانيا اسم جنس للتوراة والإنجيل والزبور والصّحف.
وقوله تعالى : (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) : تثبيت ومبالغة وطعن على الممترين.
قلت : وقد تقدّم التنبيه على أنه صلىاللهعليهوسلم معصوم ، وأنّ الخطاب له ، والمراد غيره ممّن يمكن منه الشّكّ.
وقوله سبحانه : (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً ...) الآية : (تَمَّتْ) ؛ في هذا الموضع : بمعنى : استمرّت وصحّت في الأزل صدقا وعدلا ، وليس بتمام من نقص ، ومثله ما وقع في كتب «السّيرة» من قولهم : وتمّ حمزة على إسلامه ، في الحديث مع أبي جهل ، والكلمات : ما أنزل على عباده ، و (لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ) : معناه : في معانيها.
(وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (١١٦) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (١١٧) فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ)(١١٨)
__________________
(١) ذكره ابن عطية (٢ / ٣٣٦)
(٢) ينظر : «تفسير الرازي» (١٣ / ١٢٩)