وقوله : (لَهُ أَصْحابٌ) : يريد : له أصحاب على الطريق الذي خرج منه ، فيشبّه بالأصحاب على هذا المؤمنون الذين يدعون من ارتدّ إلى الرجوع إلى الهدى ، وهذا تأويل مجاهد وابن عباس (١) ، و (ائْتِنا) : من الإتيان ، بمعنى المجيء ، وقول من قال : إن المراد بالذي ؛ في هذه الآية : عبد الرّحمن بن أبي بكر : وبالأصحاب : أبواه ـ قول ضعيف ؛ يردّه قول عائشة في الصحيح : «ما نزل فينا من القرآن شيء إلّا براءتي» ، قلت : تريد وقصّة الغار ؛ (إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ) [التوبة : ٤٠] ، وقوله : (وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ ...) [النور : ٢٢] ؛ إذ نزلت في شأن أبي بكر ، وشأن مسطح (٢).
قال ع (٣) : حدثني أبي (رضي الله عنه) قال : سمعت الفقيه الإمام أبا عبد الله المعروف بالنحويّ المجاور بمكّة ، يقول : من نازع أحدا من الملحدين ، فإنما ينبغي أن يردّ عليه بالقرآن والحديث ؛ فيكون كمن يدعو إلى الهدى بقوله : (ائْتِنا) ، ومن ينازعهم بالجدل ، ويحلّق عليهم به ، فكأنه بعد من الطريق الواضح أكثر ، ليردّ هذا الزائغ / ، فهو يخاف عليه أن يضلّ.
قال ع (٤) : وهذال انتزاع حسن جدّا ، وباقي الآية بيّن.
وقوله سبحانه : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِ) ، أي : لم يخلقها باطلا لغير معنى ، بل لمعان مفيدة ، وحقائق بيّنة.
وقوله سبحانه : (وَيَوْمَ يَقُولُ) «يوم» : نصب على الظرف ، وتقدير الكلام : واذكر الخلق والإعادة يوم ، وتحتمل الآية مع هذا أن يكون معناها ، واذكر الإعادة يوم يقول الله للإجساد : كوني معادة.
وقوله تعالى : (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) ، الجمهور أنّ الصّور هو القرن الذي قال فيه
__________________
(١) أخرجه الطبري (٥ / ٢٣٣) برقم (١٣٤٣١) بنحوه عن مجاهد ، وذكره ابن عطية (٢ / ٣٠٧)
(٢) مسطح بن أثاثة : بن عباد بن المطلب بن عبد مناف بن قصيّ المطلبيّ. كان اسمه عوفا ، وأما مسطح فهو لقبه ؛ وأمه بنت خالة أبي بكر ، أسلمت ، وأسلم أبوها قديما ؛ وكان أبو بكر يمونه لقرابته منه ، ومات مسطح سنة أربع وثلاثين في خلافة عثمان ؛ ويقال : عاش إلى خلافة عليّ ، وشهد معه صفّين ، ومات في تلك السّنة سنة سبع وثلاثين.
ينظر : «الإصابة» (٦ / ٧٤) ، «طبقات ابن سعد» (٣ / ١ / ٣٦) ، «أسد الغابة» (ت ٤٨٧٢) ، «الاستيعاب» (ت ٢٥٧٩) ، «حلية الأولياء» (٢ / ٢٠) ، «تهذيب الأسماء واللغات» (٢ / ٨٩) ، «العبر» (١ / ٣٥)
(٣) ينظر : «المحرر» (٢ / ٣٠٧)
(٤) ينظر : «المحرر» (٢ / ٣٠٨)