(أَكْثَرَكُمْ) ، من حيث إنّ فيهم من آمن ؛ كابن سلام وغيره.
(قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللهِ مَنْ لَعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ (٦٠) وَإِذا جاؤُكُمْ قالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما كانُوا يَكْتُمُونَ (٦١) وَتَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٦٢) لَوْ لا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ ما كانُوا يَصْنَعُونَ)(٦٣)
وقوله سبحانه : (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً) ، يعني : مرجعا عند الله يوم القيامة ؛ ومنه : (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ) [البقرة : ١٢٥] ، ومشى المفسّرون في هذه الآية على أنّ الذين أمر ـ عليهالسلام ـ أن يقول لهم : (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ) هم اليهود والكفّار المتّخذون ديننا هزوا ولعبا ؛ قال ذلك (١) الطبريّ (٢) ، وتوبع عليه ، ولم يسند في ذلك إلى متقدّم شيئا ، والآية تحتمل أن يكون القول للمؤمنين ، أي : قل يا محمّد ، للمؤمنين : هل أنبئكم بشرّ من حال هؤلاء الفاسقين في وقت المرجع إلى الله ؛ أولئك أسلافهم الّذين لعنهم الله ، وغضب عليهم.
وقوله سبحانه : (وَجَعَلَ) ، هي بمعنى «صيّر» ، وقد تقدّم قصص مسخهم قردة في البقرة» ، و (عَبَدَ الطَّاغُوتَ) : تقديره : ومن عبد الطاغوت ، وقرأ حمزة وحده (٣) «وعبد الطّاغوت» ـ بفتح العين ، وضمّ الباء ، وكسر التاء من الطاغوت ـ ؛ وذلك أنّ «عبد» لفظ مبالغة ؛ كقدس.
قال الفخر : قيل : الطاغوت هنا : العجل ، وقيل : الطاغوت أحبارهم ، وكلّ من أطاع أحدا في معصية الله فقد عبده. انتهى.
و (مَكاناً) : يحتمل أن يريد في الآخرة ، فالمكان على وجهه ، أي : المحلّ إذ محلّهم جهنّم ، ويحتمل أن يريد في الدنيا ، فهي استعارة للمكانة ، والحالة.
وقوله سبحانه : (وَإِذا جاؤُكُمْ) يعني : اليهود ، وخاصّة المنافقين منهم ؛ قاله ابن
__________________
(١) ينظر : «الطبري» (٤ / ٦٣٢)
(٢) ذكره الطبري في «تفسيره» ، (٤ / ٦٣٢) ، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (٢ / ٢١١)
(٣) ينظر : «السبعة» (٢٤٦) ، و «الحجة» (٣ / ٢٣٦) ، و «إعراب القراءات» (١ / ١٤٧) ، و «العنوان» (٨٨) ، و «حجة القراءات» (٢٣١) ، و «شرح شعلة» (٣٥٣) ، و «شرح الطيبة» (٤ / ٢٣٣) ، و «إتحاف» (١ / ٥٣٩) ، و «معاني القراءات» (١ / ٣٣٥)