كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً)(٩٤)
وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا ...) الآية : تقول : ضربت في الأرض ؛ إذا سرت لتجارة أو غزو ، أو غيره ، مقترنة ب «في» ، وضربت الأرض ، دون «في» ؛ إذا قصدتّ قضاء الحاجة.
وقال ص : ضربتم ، أي : سافرتم.
قال ع (١) : وسبب هذه الآية ؛ أنّ سريّة من سرايا رسول الله صلىاللهعليهوسلم لقيت رجلا له جمل ، ومتيّع (٢) ، وقيل : غنيمة ، فسلّم على القوم ، وقال : لا إله إلّا الله ، محمّد رسول الله ، فحمل عليه أحدهم ، فقتله ، واختلف في تعيين القاتل والمقتول في هذه النازلة ، والذي عليه الأكثر ، وهو في سير ابن إسحاق ، وفي مصنّف أبي داود وغيرهما ؛ أنّ القاتل محلّم بن جثّامة (٣) ، والمقتول عامر بن الأضبط (٤) ، ولا خلاف أنّ الذي لفظته الأرض ، حين مات ، هو محلّم بن جثّامة (٥) ، وقرأ جمهور السّبعة : «فتبيّنوا» ، وقرأ (٦) حمزة والكسائيّ : «فتثبّتوا» (بالثاء المثلّثة) في الموضعين هنا ، وفي «الحجرات» ، وقرأ (٧) نافع
__________________
(١) ينظر : «المحرر الوجيز» (٢ / ٩٦)
(٢) التّبعة : اسم لأدنى ما تجب فيه الزكاة من الحيوان ، وكأنها الجملة التي للسعادة عليها سبيل ، من تاع يتيع : إذا ذهب إليه.
ينظر : «النهاية» (١ / ٢٠٢)
(٣) محلّم بن جثّامة الليثي : أخو الصعب بن جثّامة.
قال ابن عبد البرّ : يقال : إنه الذي قتل عامر بن الأضبط ، وقيل : إن محلما غير الذي قتل ، وإنه نزل حمص ومات بها أيام ابن الزبير ، ويقال : إنه الذي مات في حياة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ودفن فلفظته الأرض مرة بعد أخرى.
(٤) عامر بن الأضبط الأشجعيّ.
ذكره ابن شاهين وغيره ، وساق قصّة تدلّ على أنه قتل حين أسلم قبل أن يلقى النبيّ صلىاللهعليهوسلم.
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٤ / ٢٢٤) برقم (١٠٢١٦) ، وابن عطية في «تفسيره» (٢ / ٩٦)
(٦) وقراءة الأخوين مقصودها : أن التثبت خلاف الإقدام ، والمراد التأني ، فيكون التثبت أشد اختصاصا بهذا الموضع ، يعضده قوله تعالى : (وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً) [النساء : ٦٦] ، ومما يقويه قولهم : تثبت في أمرك ، ولا يكاد يقال في هذا المعنى : تبين.
وحجة الباقين أن التبين ليس وراءه شيء ، وقد يكون أشد من التثبت.
ينظر : «السبعة» (٢٣٦) ، و «الحجة» (٣ / ١٧٣) ، و «حجة القراءات» (٢٠٩) ، و «العنوان» (٨٥) ، و «إعراب القراءات» (١ / ١٣٦) ، و «شرح شعلة» (٣٤٢) ، و «شرح الطيبة» (٤ / ٢١١) ، وإتحاف» (١ / ٥١٨) ، و «معاني القراءات» (١ / ٣١٥)
(٧) وقرأها ابن عامر وحمزة. ـ