أنّه قال : «من شفع لأحد شفاعة ، فأهدى له هديّة عليها ، فقبلها ، فقد أتى بابا عظيما من أبواب الرّبا» (١). انتهى.
و (مُقِيتاً) : معناه : قديرا ؛ ومنه قول الزّبير بن عبد المطّلب : [الوافر]
وذي ضغن كففت النّفس عنه |
|
وكنت على إساءته مقيتا (٢) |
أي : قديرا.
وقيل : مقيتا : معناه شهيدا ، وقيل : حفيظا.
وذهب مقاتل إلى أنه الذي يقوت كلّ حيوان ، قال الداوديّ : قال الكلبيّ المقيت هو المقدر بلغة قريش. انتهى.
وقوله سبحانه : (وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ ...) الآية : قالت فرقة : معنى الآية : تخيير الرّادّ ؛ فإذا قال البادئ : «السّلام عليك» ، فللرادّ أن يقول : «وعليك السّلام» فقط ، وهذا هو الرّدّ ، وله أن يقول : «وعليك السّلام ، ورحمة الله» ، وهذا هو التحيّة بأحسن ، وروي عن ابن عمر وغيره انتهاء السّلام إلى البركة ، وقالت فرقة : المعنى : إذا حيّيتم بتحية ، فإن نقص المسلّم من النهاية ، فحيّوا بأحسن منها ، وإن انتهى ، فردّوها ، كذلك قال عطاء ، والآية في المؤمنين خاصّة ، ومن سلّم من غيرهم ، فيقال له : «عليك» ؛ كما (٣) في الحديث (٤) ، وفي
__________________
(١) أخرجه أبو داود (٢ / ٣١٤) ، كتاب «البيوع» ، باب في الهدية لقضاء الحاجة ، حديث (٣٥٤١) من طريق خالد بن أبي عمران عن القاسم عن أبي أمامة به.
(٢) البيت من شواهد «البحر المحيط» (٣ / ٣١٦) ، و «الدر المصون» (٢ / ٤٠٥) ، و «الكشاف» (١ / ٥٤٣).
والضغن : الحقد. والإقاتة : الاقتدار ، وروى الصاغاني : أقيت ، وروى بعده :
يبيت الليل مرتفقا ثقيلا |
|
على فرش الفتاة وما أبيت |
وطن إليّ منه مؤذيات |
|
كما تؤذي الجذامير البروت |
(٣) أخرجه الطبري (٤ / ١٩١) برقم (١٠٠٤٠) ، وذكره ابن عطية (٢ / ٨٧) ، والسيوطي (٢ / ٣٣٧) ، وعزاه لابن جرير ، وابن المنذر.
(٤) قال الخطابي في «معالم السنن» (٤ / ١٥٤) : هكذا يرويه عامة المحدثين وعليكم «بالواو» ، وكان سفيان بن عيينة يرويه : «عليكم» بحذف الواو ، وهو الصواب ؛ وذلك أنه إذا حذف الواو صار قولهم الذي قالوه بعينه مردودا عليهم ، وبإدخال الواو يقع الاشتراك معهم ، والدخول فيما قالوه لأن الواو حرف العطف والجمع بين الشيئين.
وقال الحافظ : «الفتح» (١١ / ٤٨) : قال النووي : الصواب أن حذف الواو وإثباتها ثابتان جائزان وبإثباتها أجود ، ولا مفسدة فيه ، وعليه أكثر الروايات ، وفي معناها وجهان :
أحدهما : أنهم قالوا : عليكم الموت ، فقال : وعليكم أيضا ، أي : نحن وأنتم فيه سواء كلنا نموت. ـ