نكحت ، وملكت النّكاح ، ونحوه ، فهذه التي بها تستحلّ الفروج.
وقال عكرمة ، والرّبيع : الميثاق الغليظ يفسّره قول النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «استوصوا بالنّساء خيرا فإنّهنّ عوان عندكم ، أخذتموهنّ بأمانة الله ، واستحللتم فروجهنّ بكلمة الله» (١).
(وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلاَّ ما قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَمَقْتاً وَساءَ سَبِيلاً)(٢٢)
قوله تعالى : (وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) : سبب الآية ما اعتادته بعض قبائل العرب أن يخلف ابن الرّجل على امرأة أبيه ، وقد كان في العرب من تزوّج ابنته ، وهو حاجب بن زرارة (٢).
واختلف في مقتضى ألفاظ الآية.
فقالت فرقة : قوله : (ما نَكَحَ) ، يريد : النساء ، أي : لا تنكحوا النساء اللواتي نكح آباؤكم ، وقوله : (إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) ، معناه : ولكن ما قد سلف ، فدعوه ، وقال بعضهم : المعنى : لكن ما قد سلف ، فهو معفوّ عنكم لمن كان واقعة ، فكأنه قال : ولا تفعلوا ، حاشا ما قد سلف ، وقالت فرقة : معناه : لا تنكحوا كما نكح آباؤكم من عقودهم الفاسدة إلّا ما قد سلف منكم من تلك العقود الفاسدة ، فمباح لكم إلا قامة عليه في الإسلام ، إذا كان ممّا يقرّر الإسلام عليه ، وقيل : إلا ما قد سلف ، فهو معفوّ عنكم ، وقال ابن زيد : معنى الآية : النهي عن أن يطأ الرجل امرأة وطئها الأب ، إلّا ما سلف من الآباء في الجاهليّة من الزّنا بالنساء ، لا على وجه المناكحة ، فذلك جائز لكم ؛ لأنّ ذلك الزنا كان فاحشة ، والمقت : البغض والاحتقار ، بسبب رذيلة يفعلها الممقوت ، (وَساءَ سَبِيلاً) : أي : بئس الطريق والمنهج لمن يسلكه ؛ إذ عاقبته إلى عذاب الله.
قال ص : «ساء» للمبالغة في الذمّ ؛ ك «بئس» ، وسبيلا : تفسيره ، والمخصوص
__________________
ـ عطية في «المحرر الوجيز» (٢ / ٣٠) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٢٣٨) ، وعزاه لابن أبي شيبة عن مجاهد.
(١) تقدم تخريجه.
(٢) حاجب بن زرارة بن عدس ، الدارمي التميمي ، من سادات العرب في الجاهلية. كان رئيس تميم في عدة مواطن. وهو الذي رهن قوسه عند كسرى على مال عظيم ووفى به. وحضر يوم شعب جبلة (من أيام العرب المعروفة) قبل ١٩ أو ١٧ سنة من مولد النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وأدرك الإسلام وأسلم. وبعثه النبيّ صلىاللهعليهوسلم على صدقات بني تميم ، فلم يلبث أن مات نحو ٣ ه. تنظر ترجمته في : «الأعلام» (٢ / ١٥٣)