وقوله : (إِلى أَمْوالِكُمْ) : التقدير : ولا تضيفوا أموالهم إلى أموالكم في الأكل ، والضمير في «إنّه» : عائد على الأكل ، والحوب : الإثم ؛ قاله ابن عباس وغيره (١) ؛ وتحوّب الرّجل ، إذا ألقى الحوب عن نفسه ، وكذلك تحنّث وتأثّم وتحرّج ؛ فإن هذه الأربعة بخلاف «تفعّل» كلّه ؛ لأنّ «تفعّل» معناه : الدّخول في الشّيء ؛ ك «تعبّد» ، و «تكسّب» ، وما أشبهه ؛ ويلحق بهذه الأربعة «تفكّهون» في قوله تعالى : (لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ) [الواقعة : ٦٥] أي : تطرّحون الفاكهة عن أنفسكم.
وقوله تعالى : (كَبِيراً) : نصّ على أنّ أكل مال اليتيم من الكبائر.
وقوله تعالى : (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى ...) الآية : قال أبو عبيدة : خفتم هاهنا بمعنى أيقنتم.
قال ع (٢) : وما قاله غير صحيح ، ولا يكون الخوف بمعنى اليقين بوجه ، وإنما هو من أفعال التوقّع ، إلّا أنه قد يميل فيه الظنّ إلى إحدى الجهتين ؛ قلت : وكذا ردّ الدّاووديّ على أبي عبيدة ، ولفظه : وعن أبي عبيدة : (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا) : مجازه : أيقنتم (٣) ، قال أبو جعفر (٤) : بل هو على ظاهر الكلمة. انتهى.
و (تُقْسِطُوا) : معناه : تعدلوا ؛ يقال : أقسط الرّجل إذا عدل ، وقسط إذا جار ؛ قالت عائشة (رضي الله عنها) : نزلت هذه الآية في أولياء اليتامى الّذين يعجبهم جمال وليّاتهم ، فيريدون أن يبخسوهنّ في المهر ؛ لمكان ولايتهم عليهنّ ، فقيل لهم : أقسطوا في مهورهنّ ، فمن خاف ألّا يقسط ، فليتزوّج ما طاب له من الأجنبيّات اللّواتي يكايسن (٥) في حقوقهنّ ، وقاله ربيعة.
قال الحسن وغيره : (ما طابَ) : معناه (٦) ما حلّ.
__________________
(١) ذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (٢ / ٦)
(٢) ذكره ابن عطية (٢ / ٦)
(٣) ذكره ابن عطية (٢ / ٦)
(٤) ينظر : الطبري (٣ / ٥٧٩)
(٥) الكيس : الخفّة والتّوقّد ، والكيّس : العاقل ، ويقال : كايست فلانا فكسته أكيسه كيسا : أي غلبته بالكيس ، وكنت أكيس منه.
ينظر : «لسان العرب» (٣٩٦٦ ، ٣٩٦٧)
(٦) أخرجه الطبري (٣ / ٥٧٧) برقم (٨٤٧٩) ، وذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (٢ / ٧) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٢١٠) ، وعزاه لابن جرير.