هنا : إشارة إلى الكبائر ، وظلم النّفس : إشارة إلى الصّغائر ، واستغفروا : معناه : طلبوا الغفران.
قال النوويّ : وروّينا في سنن ابن ماجة ؛ بإسناد جيد ، عن عبد الله بن بسر (١) (بضم الباء) ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارا كثيرا» (٢) انتهى من «الحلية».
و (ذَكَرُوا اللهَ) : معناه : بالخوف من عقابه ، والحياء منه ؛ إذ هو المنعم المتطوّل ، ثم اعترض أثناء الكلام قوله تعالى : (وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ) ؛ اعتراضا موقّفا للنفس ، داعيا إلى الله مرجّيا في عفوه ، إذا رجع إليه ، وجاء اسم «الله» مرفوعا بعد الاستثناء ، والكلام موجب ؛ حملا على المعنى ؛ إذ هو بمعنى ، وما يغفر الذّنوب إلا الله ، وعن عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنه) ، قال : حدّثني أبو بكر رضي الله عنه ، وصدق أبو بكر ، قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «ما من رجل يذنب ذنبا ، ثمّ يقوم ، فيتطهّر ، ثمّ يصلّي ، ثمّ يستغفر الله إلّا غفر الله له ، ثمّ قرأ هذه الآية : (وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ ...) إلى آخر الآية» رواه أبو داود ، والترمذيّ ، والنسائيّ ، وابن
__________________
(١) عبد الله بن بسر. أبو صفوان. وقيل : أبو بسر. المازني. الحمصي. قال ابن الأثير في «الأسد» : صلى القبلتين. وضع النبيّ صلىاللهعليهوسلم يده على رأسه ودعا له. صحب النبيّ صلىاللهعليهوسلم هو وأبوه وأمه وأخوه عطية وأخته الصماء. وروى عنه الشاميون ، منهم : خالد بن معدان ، ويزيد بن خمير ، وسليم بن عامر ، وراشد بن سعد ، وغيرهم. وهو آخر من مات ب «الشام» من الصحابة. توفي سنة (٨٨) وله (٩٤ سنة) ، وقيل : مات ب «حمص» سنة (٩٦) وله (١٠٠ سنة).
ينظر : «أسد الغابة» (٣ / ١٨٦) ، و «الإصابة» (٤ / ٤٠) ، و «الثقات» (٣ / ٢٣٢) ، و «الاستيعاب» (٣ / ٨٧٤) ، و «تجريد أسماء الصحابة» (١ / ٣٠٠) ، و «الأعلام» (٤ / ٧٤) ، و «الرياض المستطابة» (٢٠٥) ، و «التاريخ الكبير» (٣ / ١٤) ، و «الصغير» (٢ / ٧٦) ، و «التاريخ» لابن معين (٢ / ٤٥) ، و «الطبقات الكبرى» (٧ / ٤٦٣)
(٢) أخرجه ابن ماجه (٢ / ١٢٥٦) ، كتاب «الأدب» ، باب الاستغفار ، حديث (٣٨١٨) ، والنسائي في «الكبرى» (٦ / ١١٨) ، كتاب «عمل اليوم والليلة» ، باب ثواب ذلك ، حديث (١٠٢٨٩) ، والبيهقي في «شعب الإيمان» (١ / ٤٤٠) رقم (٦٤٧) من طريق محمد بن عبد الرّحمن عن عبد الله بن بسر مرفوعا.
قال البوصيري في «الزوائد» (٣ / ١٩٦) : هذا إسناد صحيح ، رجاله ثقات. ا ه.
وللحديث شاهد من حديث عائشة : أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (١٠ / ٣٩٥) ، والخطيب في «تاريخ بغداد» (٩ / ١١) ، والبيهقي في «الشعب» (١ / ٤٤٠) رقم (٦٤٦) من طريق منصور بن صفية عن أمه عن عائشة ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم نهى عن سب الأموات ، وقال : «طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارا كثيرا».