وَالضَّرَّاءِ) ، وهما اليسر والعسر ، قاله ابن عبّاس (١). إذ الأغلب أنّ مع اليسر النّشاط ، وسرور النفس ، ومع العسر الكراهية ، وضرّ النفس ، وكظم الغيظ : ردّه في الجوف ، إذا كاد أن يخرج من كثرته ، ومنعه : كظم له ، والكظام : السّير الذي يشدّ به فمّ الزّقّ ، والغيظ : أصل الغضب ، وكثيرا ما يتلازمان ؛ ولذلك فسّر بعض الناس الغيظ بالغضب ، وليس تحرير الأمر كذلك ، بل الغيظ حال للنفس ، لا تظهر على الجوارح ، والغضب حال لها تظهر في الجوارح وفعل ما ؛ ولا بدّ ؛ ولهذا جاز إسناد الغضب إلى الله سبحانه ؛ إذ هو عبارة عن أفعاله في المغضوب عليهم ، ولا يسند إليه تعالى الغيظ.
ووردت في كظم الغيظ ، وملك النفس عند الغضب أحاديث ، وذلك من أعظم العبادات ، وجهاد النفس ، ففي حديث أبي هريرة (رضي الله عنه) ؛ أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم / قال : «من كظم غيظا ، وهو يقدر على إنفاذه ، ملأه الله أمنا وإيمانا» ، إلى غير ذلك من الأحاديث ، قلت : وروى أبو داود ، والترمذيّ عن معاذ بن أنس (٢) (رضي الله عنه) ؛ أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «من كظم غيظا ، وهو يقدر على أن ينفذه ، دعاه الله على رءوس الخلائق يوم القيامة ، حتّى يخيّره في أيّ الحور شاء» (٣) ، قال أبو عيسى : هذا حديث حسن. ا ه.
وفي رواية أخرى لأبي داود : «ملأه الله أمنا وإيمانا ، ومن ترك لبس ثوب جمال ،
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٣ / ٤٣٧) برقم (٧٨٣٧) ، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (١ / ٥٠٩) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ١٢ ٨) ، وعزاه لابن جرير ، وابن أبي حاتم.
(٢) هو : معاذ بن أنس ، الجهني ، حليف الأنصار.
قال أبو سعيد بن يونس : صحابي كان ب «مصر» و «الشام» ، روى عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أحاديث. وله رواية عن أبي الدرداء وكعب الأحبار. روى عنه ابنه سهل بن معاذ وحده. وذكر أبو أحمد العسكري ما يدل على أنه بقي إلى خلافة عبد الملك بن مروان.
ينظر ترجمته في : «أسد الغابة» (٥ / ١٩٣) ، والإصابة» (٦ / ١٠٦) ، و «الثقات» (٣ / ٣٧٠) ، و «الاستيعاب» (٣ / ١٤٠٢) ، و «تجريد أسماء الصحابة» (٢ / ٨٠) ، و «بقي بن مخلد» (٩٣) ، و «الكاشف» (٣ / ١٥٣) ، و «الجرح والتعديل» (٨ / ٢٤٥) ، و «تهذيب الكمال» (٣ / ١٣٣٨) ، و «تهذيب التهذيب» (١٠ / ١٨٦)
(٣) أخرجه أبو داود (٢ / ٦٦٢) ، كتاب «الأدب» ، باب من كظم غيظا ، حديث (٤٧٧٧) ، والترمذي (٤ / ٦٥٦) كتاب «صفة القيامة» ، باب (٤٨) ، حديث (٢٤٩٣) ، وابن ماجة (٢ / ١٤٠٠) كتاب «الزهد» ، باب الحلم ، حديث (٤١٨٦) ، وأحمد (٣ / ٤٤٠) ، والبيهقي (٨ / ١٦١) كتاب قتال أهل البغي. كلهم من طريق سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه مرفوعا.
وقال الترمذي : حديث حسن.