و (مُسَوِّمِينَ) : معناه : معلمين بعلامات ، وروي أنّ الملائكة أعلمت يوم بدر بعمائم بيض إلّا جبريل ؛ فإنه كان بعمامة صفراء على مثال عمامة الزّبير بن العوّام (١) ، وروي أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال للمسلمين يوم بدر : «سوّموا ؛ فإنّ الملائكة قد سوّمت» (٢).
(وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلاَّ بُشْرى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١٢٦) لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خائِبِينَ (١٢٧) لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ (١٢٨) وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(١٢٩)
وقوله سبحانه : (وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) : الضمير في (جَعَلَهُ اللهُ) : عائد على الإنزال والإمداد ، ومعنى الآية : وما كان هذا الإمداد إلا لتستبشروا به ، وتطمئنّ به قلوبكم ، وترون حفاية الله بكم ، وإلا فالكثرة لا تغني شيئا إلّا أن ينصر الله ، واللّام في قوله : (لِيَقْطَعَ) متعلّقة بقوله : (وَمَا النَّصْرُ) ، ويحتمل أن تكون متعلّقة ب (جَعَلَهُ) فيكون قطع الطّرف إشارة إلى من قتل ببدر ؛ على قول ابن إسحاق وغيره ، أو إلى (٣) من قتل بأحد على ما قال السّدّيّ (٤) ، وقتل من المشركين ببدر سبعون ، وقتل منهم يوم أحد اثنان وعشرون رجلا ، والطرف الفريق.
وقوله سبحانه : (أَوْ يَكْبِتَهُمْ) : معناه يخزيهم والكبت : الصرع لليدين.
وقال ص : الكبت : الهزيمة ، وقيل : الصّرع لليدين ا ه.
__________________
(١) الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى. أبو عبد الله القرشي. الأسدي. حواري الرسول صلىاللهعليهوسلم وابن عمته ، أمه صفية بنت عبد المطلب. أحد العشرة المشهود لهم بالجنة ، وأحد الستة أصحاب الشورى ، وهو صحابي مشهور ، وفضائله كثيرة لا يتسع المقام للكلام عنها. قتل بعد منصرفه يوم الجمل في جمادى الأولى سنة (٣٦) ، وله ست أو سبع وستون سنة.
ينظر ترجمته في : «أسد الغابة» (٢ / ٢٤٩) ، و «تجريد أسماء الصحابة» (١ / ١٨٨) ، و «الإصابة» (٣ / ٥) ، و «الاستيعاب» (٢ / ٥١٠) ، و «التاريخ الكبير» (٣ / ٤٠٩) ، و «حلية الأولياء» (١ / ٨٠٩) ، و «الكاشف» (١ / ٣٢٠) ، و «الرياض المستطابة» (٧٤) ، و «المصباح المضيء» (١ / ١١٤) ، و «الرياض النضرة» (٢ / ٣٥١) ، و «البداية والنهاية» (٧ / ٤٤٩) ، و «بقي بن مخلد» (٨٤) و «الأنساب» (١ / ٢١٦) ، و «صفة الصفوة» (١ / ٣٤٢) ، و «سير أعلام النبلا» (١ / ٤١)
(٢) أخرجه سعيد بن منصور (٢ / ٣٦٠) رقم (٢٨٦١) عن عمير بن إسحاق عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم مرسلا.
(٣) ذكره ابن عطية في «تفسيره» (١ / ٥٠٥)
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٣ / ٤٣٠) برقم (٧٧٩٩) ، وذكره الماوردي في «تفسيره» (١ / ٤٢٢) ، وابن عطية في «تفسيره» (١ / ٥٠٥)