جدك عبد المطلب ، ثم عمك أبو طالب. حيث مكث بعد وفاة أمه آمنة سنتين عند عبد المطلب ، وله من العمر ثمان سنين ، ثم كفله عمه أبو طالب إلى أن أتم أربعين سنة حيث بعثه الله نبيا.
ووجدك ربك غافلا (ضالا) عن أحكام الشرائع ، حائرا في معرفة أصح العقائد ، فهداك لذلك ، ووجدك فقيرا ذا عيال لا مال لك ، فأغناك بربح التجارة في مال خديجة ، وبما منحك الله من البركة والقناعة. أخرج الشيخان في الصحيحين عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ليس الغنى عن كثرة العرض ، ولكن الغنى غنى النفس».
ثم أمره ربه ببعض الأخلاق الإنسانية المحضة ، وطالبه بشكر الله على نعمه ، حيث قال : (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ) أي كما كنت يتيما فآواك الله ، فلا تستذل اليتيم ولا تتسلط عليه بالظلم لضعفه ، بل أدّه حقه ، وأحسن إليه ، وتلطف به ، واذكر يتمك. فكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يحسن إلى اليتامى ويبرهم ويوصي بهم خيرا. ويتم النبي صلىاللهعليهوسلم لئلا يكون عليه حق لمخلوق ، كما قال الإمام جعفر الصادق.
وكما كنت مخطئا في العقيدة ، فهداك الله ، فلا تنهر السائل المسترشد في العلم والدين أو طلب المال ، ولا تزجره ، بل أجبه ، أو ردّ عليه ردا جميلا ، والضلال هنا : بمعنى الخطأ والمباينة عما آل إليه في حال النبوة والرسالة ، وليس بمعنى الكفر والضلال البعيد ، فإنه صلىاللهعليهوسلم لم يعبد صنما قط.
وتحدث بنعمة ربك عليك ، واشكر هذه النعمة العظمى : وهي النبوة والقرآن ، ومضامين الآيات. والتحدث بنعمة الله شكر ، فكما كنت عائلا فقيرا ، فأغناك الله ، فتحدث بنعمة الله عليك ، والمعنى في النبي صلىاللهعليهوسلم : أنه أغنى الأغنياء بالصبر والقناعة ، وقد حبّبا إليه.