وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (١٥) وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ (١٦)) (١) [الفجر : ٨٩ / ١ ـ ١٦].
المعنى : أقسم بوقت الفجر أو الصبح الذي يظهر فيه النور ، لبدء النهار ، وبالليالي العشر من بدء كل شهر قمري ، ومنها العشر الأوائل من ذي الحجة ، وبالزوج والفرد من تلك الليالي ومن كل الأشياء ، وبالليل إذا جاء وأقبل ، ثم ذهب وأدبر ، وجواب القسم : محذوف تقديره : لتبعثن.
أليس في هذا القسم بهذه الأشياء العظيمة قسم كاف يقنع كل ذي عقل أو لبّ؟ و (الحجر) : العقل ، والمعنى : فيزدجر ذو العقل ، وينظر في آيات الله تعالى. ثم ذكر الله تعالى مصارع الأمم الخالية الكافرة ، وما فعل بها من التعذيب والإهلاك ، لتوعد قريش ، وبيان الأمثال لها. ألم تعلم يا إنسان ، كيف أهلك الله قبيلة عاد الأولى ، التي كانت تسكن في بلاد الأحقاف ، في جنوب شبه الجزيرة العربية ، والتي لها اسم آخر : هو إرم ، وكانت ذات مباني عالية ، وهذا كناية عن الغنى وبسط العيش ، ولم يخلق مثل تلك القبيلة في البلاد المختلفة ، أي في زمانهم. فكلمة (إرم) هي قبيلة عاد بعينها ، كان نبيها هودا عليهالسلام.
ثم ألم تعلم أيضا ما فعل الله بقبيلة ثمود قوم صالح عليهالسلام ، الذين قطعوا الصخر ونحتوه ، وبنوا بالأحجار بيوتا يسكنون فيها ، وقصورا عظيمة ، في الحجر : ما بين الشام والحجاز ، أو وادي القرى. وما فعل الله أيضا بالجبار فرعون حاكم مصر في عهد موسى عليهالسلام ، الذي كان صاحب المباني العظيمة ، الثوابت كالأوتاد المغروزة في الأرض ، ومنها الأهرامات التي بناها الفراعنة لتكون قبورا لهم.
هؤلاء الذين ذكرناهم وهم عاد وثمود وفرعون هم الذين تجاوزوا في بلادهم الحد
__________________
(١) جعله منعما عليه.