ولما ذكر الله تعالى وجوه أهل النار ، عقّب ذلك بذكر وجوه أهل الجنة ، ليبين الفرق ، فقال تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ) (٨).
أي ووجوه يوم القيامة ذات نعمة وبهجة ، ونضرة وحسن ، يعرف النعيم فيها ، أو متنعمة ، كما قال الله تعالى : (تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ) (٢٤) [المطففين : ٨٣ / ٢٤]. وهي وجوه السعداء ، لما شاهدوا من عاقبة أمرهم وقبول عملهم ، فهي لعملها الذي عملته في الدنيا ولطاعتها راضية ، أي رضيت عملها ، لأنها قد أعطيت من الأجر ما أرضاها.
ثم وصف الله تعالى دار الثواب وهي الجنة بسبعة أوصاف وهي :
ـ إن أصحاب الوجوه الناعمة (المتنعمة) وهم المؤمنون السعداء في جنة رفيعة المكان ، بهية الوصف ، آمنة الغرفات ، أي إن علو الجنة : من جهة المسافة والمكان ، ومن جهة المكانة والمنزلة أيضا ، لأن الجنة درجات بعضها أعلى من بعض ، كما أن النار دركات بعضها أسفل من بعض.
ـ ولا تسمع في كلام أهل الجنة كلمة لغو وهذيان ، لأنهم لا يتكلمون إلا بالحكمة وحمد الله تعالى على ما رزقهم الله من النعيم الدائم ، وحقّ لهم الحمد والشكر الذي لا يوصف ، وجعلنا الله منهم.
وفي الجنة ينبوع أو عين ماء تجري مياهها وتتدفق بأنواع الأشربة المستلذة الصافية ، والمراد بها جنس ، أي عيون جاريات. وفيها أسرّة عالية مفروشة بما هو ناعم الملمس ، كثيرة الفرش ، مرتفعة السّمك ، إذا جلس عليها المؤمن ، استمتع بها ، ورأى رياض الجنة ونعيمها ، كما في آية أخرى : (وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ) (٣٤) [الواقعة : ٥٦ / ٣٤].
ـ وفي الجنة : أكواب ، أي أواني الشرب وأقداح الخمر غير المسكرة ، معدّة مرصودة بين أيديها ، يشربون منها متى أرادوا ، وفيها وسائد مصفوفة ، بعضها إلى