(هَلْ أَتاكَ)؟ إخبار ، يفيد في تحريك نفس السامع إلى تلقّي الخبر ، فهل أتاك أيها النبي حديث القيامة وعلمت خبره؟ وسميت القيامة غاشية ، لأنها تغشى الخلائق بأهوالها وأفزاعها وتغييرها لبنية العالم.
وأحوال الناس في القيامة فريقان : أشقياء النار ، وسعداء الجنة ، ففي القيامة أصحاب وجوه خاشعة ذليلة متغيرة بالعذاب هي وجوه الكفار ، عاملة في الدنيا ، متعبة فيها ، لكن لا ثمرة لعاملها إلا النصب ، أي التعب ، فتكون خاتمتها النار ، لأنها على غير هدى ، أي إنهم كانوا يعملون في الدنيا عملا كثيرا ، ويتعبون أنفسهم في العبادة ، ولا أجر لهم عليها ، لما هم عليه من الكفر والضلال ، ولأن الإيمان بالله تعالى ورسوله شرط قبول الأعمال.
وجزاء هؤلاء يوم القيامة في قوله تعالى : (تَصْلى ناراً حامِيَةً) (٤) أي تدخل تلك الوجوه نارا شديدة الحرارة ، وتقاسي حرها ، وتعذب فيها ، لخسارة أعمالها ، وتسقى إذا عطشوا من ماء عين ، أي ينبوع ، آنية ، أي متناهية الحرارة ، فهي لا تطفئ لهم عطشا. فالحامية : المسعّرة التوقد المتوهجة. والآنية : التي قد انتهى حرها. وليس لهم طعام يتغذون به إلا الضريع : وهو شوك يابس شديد المرارة والضر ، يقال له في لغة أهل الحجاز الشّبرق إذا كان رطبا. قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وعكرمة : الضريع شبرق النار.
وهذا الطعام الذين يتغذون به لا يحصل به مقصود ، ولا يندفع به محذور ، فلا يسمن آكله ، ولا يدفع عنه الجوع.
وهناك طعام آخر لأهل النار : وهو الغسلين والزقّوم ، قال الله تعالى : (وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ) (٣٦) [الحاقة : ٦٩ / ٣٦]. وقال سبحانه : (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (٤٣) طَعامُ الْأَثِيمِ) (٤٤) [الدخان : ٤٤ / ٤٣ ـ ٤٤].