ولا يجد ناصرا ينصره ، فينقذه مما نزل به ، أي فليس له قوة ذاتية ولا قوة خارجية من غيره ، لإنجاء نفسه من عذاب الله تعالى.
أخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ) (٥) قال : نزلت في أبي الأشد بن كلدة الجمحي ، كان يقوم على الأديم (الجلد) فيقول : «يا معشر قريش ، من أزالني عنه ، فله كذا» ويقول : إن محمدا يزعم أن خزنة جهنم تسعة عشر ، فأنا أكفيكم وحدي عشرة ، واكفوني أنتم تسعة» فنزلت هذه الآية : (فَلْيَنْظُرِ ..).
ثم قال تعالى : (وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ) (١١) أي إنني أقسم قسما آخر بالسماء ذات المطر الذي يعود إلى الأرض من السماء ، أي السحاب ، فيحيي الأرض بعد موتها ، وينبت النبات ، والأرض ذات الصدع : وهو الشق الذي يحدث من تصدع الأرض وتشققها ، فيخرج من الأرض النبات والثمار والشجر والمعدن والكنز والثروة النفطية والمائية ، وجواب القسم : ان آي القرآن لقول فصل ، يفصل بين الحق والباطل ، ولم ينزل باللعب واللهو ، فهو جد لا هزل فيه ، وكلام من الله تعالى ليس هو بالشعر ولا بالسحر ولا بالكهانة ، تنزيل من حكيم حميد. ثم أوعد الله تعالى المكذبين بالقرآن بقوله : (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ).
أي إن صناديد قريش في مكة وأمثالهم يدبرون المكائد للنبي صلىاللهعليهوسلم لإبطال ما جاء به من الدين الحق ، وللصد عن سبيل الله وعن القرآن ، بالقول بأن القرآن أساطير الأولين ، وبأن محمدا ساحر أو مجنون أو شاعر ، ويتآمرون على قتله. ولكن الله تعالى يدبر لهم تدبيرا آخر ، يستدرجهم في عصيانهم ، ثم يجازيهم جزاء كيدهم.
ثم وعد الله رسوله بالنصر ، بقوله فيما معناه : أخر أيها النبي الكافرين وأنظرهم ، ولا تدع عليهم بهلاكهم ، ولا تستعجل به ، وارض بما يدبره الله لك في أمورهم ، وأمهلهم إمهالا يسيرا قليلا أو قريبا ، فسترى ما يحل بهم من العذاب والنكال ، والعقوبة والهلاك ، وهذا تكرار للمعنى بطريق المبالغة.