المعنى : أقسم بالسماء البديعة ، والكوكب المنير البادي ليلا ، وما أعلمك ما حقيقته أيها النبي؟ إنه النجم المضيء ليلا لتبديد شدة الظلمة ، كأنه يخرق أو يثقب حجب الظلام ، والقسم بالكواكب للدلالة على أن لها خالقا مدبرا منظما لها. والطارق : اسم جنس لكل ما يظهر أو يأتي ليلا ، فسره ما بعده بأنه النجم الثاقب.
وجواب القسم : ما كل نفس إلا عليها من الله حافظ ، يحرسها من الآفات ، وهم الحفظة من الملائكة الذين يحفظون عليها عملها وقولها وفعلها ، وما تكسبه من خير أو شر. وكلمة (لما) بمعنى إلا ، و (إن) على ذلك : نافية ، أي ما كل نفس إلا عليها حافظ.
ثم نبّه الله تعالى الإنسان إلى مبدأ خلقه ليتعظ ، ويستدل به على إمكان المعاد ، في قوله : (فَلْيَنْظُرِ) أي فعلى الإنسان أن يتفكر في كيفية بدء خلقه ، ليعلم قدرة الله على ما هو دون ذلك من البعث ، إنه خلق من ماء مدفوق مصبوب في الرحم ، وهو ماء الرجل وماء المرأة ، وقد جعلا ماء واحدا لامتزاجهما. يخرج من ظهر الرجل في النخاع الشوكي الآتي من الدماغ ، ومن بين ترائب المرأة ، أي عظام صدرها ، أو موضع القلادة من الصدر. والولد يتكون من اجتماع الماءين ، ثم يستقر الماء المختلط في الرحم ، فيتكون الجنين بإرادة الله تعالى.
إن الله تعالى قادر على إرجاع الإنسان إليه ، أي إعادته بالبعث بعد الموت ، لأن من قدر على البداءة والإنشاء ، قادر على الإعادة والإحياء مرة أخرى. وإرجاعه يوم القيامة يوم تختبر وتعرف السرائر ، أي مكنونات النفوس والقلوب من العقائد والنيات والأسرار وغيرها.
وليس للإنسان حين بعثه من قوة في نفسه أو من غيره ، يمتنع بها من عذاب الله ،