خبر الجموع الكافرة المكذبة لأنبيائهم ، والتي جندت جنودها لقتالهم؟ أو هل بلغك ما أحل الله بهم من البأس ، لغلوهم في الكفر وتماديهم في الضلال؟ ومنهم : فرعون وجنوده ، وقبيلة ثمود من العرب البائدة ، قوم صالح عليهالسلام ، والمراد بحديثهم : ما وقع منهم من الكفر والعناد ، وما حلّ بهم من العذاب.
ومعنى الآية : فاجعل هؤلاء الكفرة الذين يخالفونك وراء ظهرك ولا تهتم بهم ، فقد انتقم الله تعالى من أولئك الأقوياء الأشداء ، فكيف بهؤلاء؟! والجنود : الجموع المعدّة للقتال ، والتوجه نحو غرض واحد. وذكر فرعون وحده هنا لأنه هو رأس قومه وآله.
ثم ترك القول بحال فرعون وثمود ، وأضرب عنه إلى الإخبار بأن هؤلاء الكفار بمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم لا حجة لهم عليه ولا برهان ، بل هو تكذيب مجرد سببه الحسد ، أي إن الواقع القائم أن هؤلاء المشركين العرب في تكذيب شديد لك أيها النبي ، ولما جئت به ، ولم يعتبروا بمن كان قبلهم من الكفار.
ثم توعدهم الله تعالى بقوله : (وَاللهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ) (٢٠) أي إن الله تعالى قادر على أن ينزل بهم ما أنزل بأولئك ، قاهر الجبارين لا يفوتونه ولا يعجزونه ، فهو مقتدر عليهم ، وهم في قبضته لا يجدون عنها مهربا.
ثم رد الله تعالى على تكذيب قريش بالقرآن ، فقال : (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ) (٢١) أي إن هذا القرآن الذي كذّبوا به شريف الرتبة في نظمه وأسلوبه ، حتى بلغ حدّ الإعجاز ، متناه في الشرف والكرم والبركة ، وليس هو كما يزعمون بأنه شعر وكهانة وسحر ، وإنما هو كلام الله تعالى المصون عن التغيير والتحريف ، المكتوب في اللوح المحفوظ ، وهو أم الكتاب.
إن هذا الكلام إضراب عن تكذيب القرشيين وإبطال له ورد عليه ، بالإخبار بأن