يقول الله تعالى : أقسم بالسماء وبروجها : وهي منازل الكواكب أو نجومها العظام ، وهي اثنا عشر برجا لاثني عشر كوكبا ، وهي التي تقطعها الشمس في سنة ، والقمر في ثمانية وعشرين يوما ، وهذا القسم بها تنويه بها وتعظيم وتشريف لها.
وأقسم بيوم القيامة الموعود به ، وبمن يشهد في ذلك اليوم ، وبالمشهود به على المشهود عليه من الوقائع أو الجرائم التي فعلها ، كالشهادة على أصحاب الأخدود. والشاهد : الملائكة الحفظة وغيرهم ، والمشهود عليهم : الناس ، كما ذكر الترمذي.
لعن أصحاب الأخدود المشتمل على النار ذات الحطب الذي توقد به ، وهم قوم من الكفار في نجران اليمن ، طلبوا من المؤمنين بالله عزوجل أن يرجعوا عن دينهم وهو توحيد الله ، فأبوا عليهم ، فحفروا لهم في الأرض أخدودا (شقا مستطيلا) وأوقدوا فيه نارا ، وأرادوهم أن يرجعوا عن دينهم ، فلم يقبلوا منهم ، فقذفوهم فيها ، وقوله تعالى : (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ) (٤) هو جواب القسم ، أي لعنوا وطردوا من رحمة الله. وقوله : (النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ) (٥) النار : بدل اشتمال ، من كلمة (الأخدود).
كان من قصة هؤلاء : أن الكفار قعدوا على جانب الأخدود ، وجمع المؤمنون ، فعرض عليهم الدخول في الكفر ، فمن أبى رمي في أخدود النار فاحترق ، روي أنه احترق في النار عشرون ألفا.
لقد لعن هؤلاء الكفار الذين عذّبوا المؤمنين في النيران ، حين أحرقوا بالنار ، قاعدين على الكراسي عند الأخدود ، وهم الملك وأصحابه ، يشاهدون ما يفعل بالمؤمنين الذين هم قعود على النار ، يحاولون إرجاعهم إلى دين الوثنية ويشهدون بما فعلوا يوم القيامة ، حيث تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم.
وهذا يدل على أن قلوب الكفرة الذين أقدموا على إحراق أهل الإيمان قاسية ، بل