ويسقى الأبرار أيضا في هذه الأكواب في الجنة شرابا ممزوجة بالزنجبيل الحارّ أو بالكافور البارد ، ليعتدل الشراب ، وأما المقرّبون فيشربون من كلّ منهما صرفا.
ويسقون شرابهم هذا من عين في الجنة تسمى السلسبيل ، سميت بذلك لسلاسة مائها ، وسهولة جريها وانحدارها وإساغتها في الحلوق.
وصفة الخدم : أنه يطوف على أهل الجنة للخدمة ولدان ، لهم صفة الخلود ، لا يتغيرون عن تلك الحال ، من الشباب والطراوة والنضارة ، ولا يهرمون ولا يمرضون ولا يموتون ، إذا رأيتهم في قضاء الحوائج رأيتهم في صباحة الوجوه ، وحسن الألوان وجمال الثياب والحلي كأنهم اللؤلؤ المنثور ، قال ابن كثير : ولا يكون في التشبيه أحسن من هذا ، ولا في المنظر أحسن من اللؤلؤ المنثور على المكان الحسن. شبّههم بالمنثور ، لأنهم سراع في الخدمة ، أما الحور العين فشبّهن باللؤلؤ المكنون ، لأنهن لا يمتهن بالخدمة.
وفي الجملة ، يكون نعيمهم أنك إذا نظرت نظرا بعيدا في الجنة ونعيمها وسعتها وارتفاعها ، وما فيها من الجمال والسرور ، رأيت نعيما لا يوصف وسلطانا عظيما لا يقدر قدره.
أخرج ابن المنذر عن عكرمة قال : دخل عمر بن الخطاب على النّبي صلىاللهعليهوسلم ، وهو راقد على حصير من جريد ، وقد أثّر في جنبه ، فبكى عمر ، فقال : ما يبكيك؟ قال : ذكرت كسرى وملكه ، وهرمز ، وصاحب الحبشة وملكه ، وأنت رسول الله صلىاللهعليهوسلم على حصير من جريد ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ، ولنا الآخرة ، فأنزل الله تعالى : (وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً) (٢٠)
وملابسهم وحليّهم : هي أن الذي يعلوهم من اللباس : هو الحرير الرفيع الرقيق الأخضر ، والديباج السميك ، وحلّوا (ألبسوا الحلية) بأساور من الفضة ، وسقاهم