ربّهم بشراب غير ما سبق ، يطهّر بواطنهم من الحسد والحقد والبغضاء والأذى ، وسائر الأخلاق الرديئة ، كما روي عن علي رضي الله عنه.
وعلّة هذا الفضل والنعيم : أنه يقال لهؤلاء الأبرار الممتّعين بالجنان ، تكريما لهم وإحسانا إليهم : إن هذا المذكور من أنواع النعيم ، كان لكم جزاء لأعمالكم ، أي ثوابا لها ، وجزاكم الله تعالى على القليل بالكثير ، ويقبل طاعتكم ، فشكر الله تعالى لعمل عبده : هو قبول لطاعته. وهذا مثل قوله تعالى في آية أخرى : (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ) [الحاقّة : ٦٩ / ٢٤]. وقوله تعالى : (وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [الأعراف : ٧ / ٤٣].
إنها نعم الله تعالى السابغة العظيمة ، الدائمة ، فليست نعم الله مقصورة على الدنيا ، وإنما برحمة الله تشمل الآخرة ، ونعم الآخرة أعظم وأكثر وأشمل من نعم الدنيا.
تثبيت النّبي صلىاللهعليهوسلم في مواجهة أفعال قريش
كان كل رسول يواجه معارضة شديدة لدعوته من قومه أو المرسل إليهم ، وكان هذا هو الظاهرة القائمة من أفعال قريش وأحوالهم ، حيث نسبوا الرسول محمدا إلى الكهانة والسّحر ، فثبّت الله تعالى رسوله محمدا صلىاللهعليهوسلم ، وبيّن للقوم أن القرآن كلام الله ووحيه ، وأمره بالصبر على أذى قومه ، وبالسّجود والصلاة ، وبذكر ربّه بكرة وأصيلا ، فهم قوم يؤثرون الدنيا على الآخرة ، وشريعة الله ووحيه تذكرة وعظة لمن أراد النجاة بين يدي الله عزوجل ، بمشيئة الله ، وكل شيء من أفعال البشر لا يقع إلا بمشيئة إلهية ، كما يتضح من الآيات الآتية :