تفسير سورة الدّهر
خلق الإنسان ومصيره
من أعاجيب الخلق الإلهي : خلق الكون من السماء والأرض ، وخلق الإنسان بعد العدم ، ثم تكاثر النوع الإنساني ، وتكليف الإنسان بالتكاليف الرّبانيّة المسماة بالأمانة ، ثم يمرّ في أطوار الحياة بعد الولادة ، وتبدأ مرحلة البلوغ والخطاب الإلهي له ، ليكون موضع اختبار في مدى الحياة أو العمر ، ويكون في أعقاب الامتحان إما كافرا جاحدا ، وإما مؤمنا شاكرا. ولكلّ جزاؤه ، فللكافرين السعير والسلاسل والأغلال ، وللمؤمنين الأبرار جنان الخلد والنعيم بسبب ما قدموا من صالح الأعمال ، وهذا صريح الآيات الآتية في مطلع سورة الدّهر أو الإنسان المكّية في رأي بعضهم ، والأصح أنها مدنيّة :
(هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً (١) إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً (٢) إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً (٣) إِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَلاسِلَ وَأَغْلالاً وَسَعِيراً (٤) إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً (٥) عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ يُفَجِّرُونَها (١) (٢) (٣) (٤) (٥) (٦) (٧) (٨) (٩) (١٠) (١١) (١٢) (١٣)
__________________
(١) جزء محدود من الزمان.
(٢) زمان ممتد غير محدود.
(٣) قليل من الماء.
(٤) أخلاط.
(٥) نختبره.
(٦) بيّنا له طريق الخير والشّر وأرشدناه.
(٧) هيّأنا.
(٨) قيودا في الأرجل.
(٩) أطواق في الأيدي.
(١٠) الذين هم أهل الصدق والطاعة والإخلاص.
(١١) إناء الخمر.
(١٢) ما تمزج به.
(١٣) طيب معروف له رائحة جميلة.