تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٥) سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (١٦)) (١) (٢) [القلم : ٦٨ / ١ ـ ١٦].
ن أو نون : حرف مقطّع في قول جمهور المفسّرين للتنبيه لخطورة وأهمية ما بعدها ، وتنبيه المشركين وتحدّيهم بأن القرآن الذي أعجزكم مكوّن من حروف هجائية هي مادة تكوين لغتكم العربية ، التي تنطقون بها ، ثم مع هذا عجزتم عن الإتيان بمثله أو مثل سورة منه. ثم أقسم الله تعالى بالقلم وبما يكتب به ، أي أقسم بالقلم أداة الكتابة وبالمكتوب به. لست يا محمد بسبب نعمة النّبوة بمجنون ، كما يزعمون ، وإنما أنت ذو مكانة عالية وعقل رشيد وفكر سديد.
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : كانوا يقولون للنّبي صلىاللهعليهوسلم : إنه مجنون ، ثم شيطان ، فنزلت : (ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ) (٢).
وهو جواب القسم ، أي إنك بسبب نعمة ربّك ـ وهي جملة اعتراضية ـ لست مجنونا. والجنون : ستر العقل ، بمعنى أن كلامه خطأ ككلام المجنون ، فنفى الله تعالى ذلك عنه.
ومطلع السورة حيث أقسم بالقلم ، وأثره : إشادة بالكتابة التي هي قوام العلوم والمعارف وأمور الدنيا والآخرة ، فإن القلم أخو اللسان ، وطريق الفطنة ، ونعمة عامّة من الله تعالى.
ـ وإن لك أيها النّبي لثوابا عظيما على ما تحمّلت من مهامّ النّبوة ، وذلك الثواب غير مقطوع ، وإنما هو مستمر.
وإنك لصاحب الخلق العظيم الذي أمرك الله به في القرآن ، لما تحملت من قومك ، ما لم يتحمله أمثالك. وجمّاع هذا الخلق يتمثل في قوله الله تعالى : (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) (١٩٩) [الأعراف : ٧ / ١٩٩].
__________________
(١) خرافات القدماء.
(٢) سنجعل على أنفه سمة أو علامة يتميز بها.