الظَّالِمِينَ) أي ابن لي بيتا قريبا من رحمتك في أعلى درجات المقرّبين منك ، وخلّصني من بطش فرعون وشروره ، وأنقذني من القوم الظالمين ، وهم كفار القبط. فقبض الله تعالى روحها. وهذا دليل على صدق إيمانها بالله واليوم الآخر.
والمرأة الثانية في هذا المثل : هي حال مريم ابنة عمران أم عيسى عليهماالسلام ، التي صانت فرجها عن الفاحشة ، فكانت مثال العفة والطّهر ، فأمر الله جبريل أن ينفخ الروح في فرجها ، فحملت بعيسى ، وصدّقت بشرائع الله التي شرعها لعباده وبصحفه المنزلة على إدريس وغيره ، وبكتبه المنزلة على الأنبياء ، وهي التوراة والإنجيل ، وكانت من القوم المطيعين لربّهم ، حيث كان أهلها أهل بيت صلاح وطاعة ، ومن عداد الناسكين العابدين المخبتين لربّهم ، أي كانت من القوم القانتين في عبادتها وحال دينها. وقوله تعالى : (مِنْ رُوحِنا) إضافة مخلوق إلى خالق ، ومملوك إلى مالك ، كما تقول : بيت الله ، وناقة الله ، كذلك الروح والجنس كله هو روح الله.
أخرج الإمام أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : «خطّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم في الأرض أربعة خطوط ، وقال : أتدرون ما هذا؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أفضل نساء أهل الجنة : خديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد ، ومريم ابنة عمران ، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون». وجاء في صحيحي البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري عن النّبي صلىاللهعليهوسلم قال : «كمل من الرّجال كثير ، ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ، ومريم ابنة عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وإن فضل عائشة على النساء ، كفضل الثريد على سائر الطعام».