وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢) وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٣) ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٤)) (١) [الجمعة : ٦٢ / ١ ـ ٤].
ينزّه الله ويمجده جميع المخلوقات ناطقها وجامدها ، إقرارا بوجوده ووحدانيته وقدرته ، ولأنه مالك السماوات والأرض المتصرف فيهما بأمره وحكمته ، المنزه عن جميع النقائص والعيوب ، القوي في سلطانه وقدرته ، الغالب القاهر الذي لا يغلبه غالب ، البالغ العزة والحكمة ، المتقن في تدبيره وأفعاله كل شيء.
واللام في قوله (لِلَّهِ) يسبح لله : زائدة بقصد التوكيد والتمكين.
والله سبحانه هو الذي أرسل في العرب الأميّين ، حيث كان أكثرهم لا يقرأ ولا يكتب ، أرسل فيهم رسولا من جنسهم ، فهو أمّي مثلهم ، يتلو عليهم آيات القرآن ، ويطهرهم من الشرك ، وينمي الخير فيهم ، ويعلّمهم القرآن والسّنة ومعالم الشريعة ، وإن كانوا من قبل مجيئه لفي خطأ واضح ، بعيد عن الحق. فالكتاب في الآية : الوحي المتلو وهو القرآن ، والحكمة : السّنة ومعالم الشريعة ، أي أحكام الدين والقرآن. وهذه الآية تعديد نعم الله تعالى على العرب فيما أولاهم.
ووصف العرب بالأميّين لعدم تمكّن أكثرهم من القراءة والكتابة ، كما جاء في قوله صلىاللهعليهوسلم ـ الذي أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنّسائي ـ : «إنا أمّة أميّة لا نحسب ولا نكتب ، الشهر هكذا وهكذا» أي تسعة وعشرون يوما أو ثلاثون.
وهذا الوصف تأكيد أيضا البيان النعمة على العرب بذكر حالهم التي كانت على الضد من الهداية ، الغارقة في الضلالة. وكلمة (مِنْهُمْ) دالّة على أن النّبي محمدا صلىاللهعليهوسلم العربي الهاشمي هو من العرب الخلّص.
__________________
(١) أي من قبل مجيء النبي لفي خطأ واضح.