وأسلوب المنافقين واليهود في قتال المؤمنين أنهم لا يواجهون جيش الإسلام مواجهة ، ولا يقاتلونهم مجتمعين ، وإنما يقاتلونهم من وراء الحصون والقلاع ، أو من خلف الأسوار التي يتستّرون بها ، لجبنهم ورهبتهم ، وحربهم الدائرة بينهم شديدة ، تظنهم جميعا متوحّدين ، وهم متفرّقون ، لما بينهم من أحقاد وعداوات ، ولأنهم قوم لا يعقلون الحق وأمر الله. وبأسهم : أحقادهم وأضغانهم.
ولهم أشباه ونظائر ، فهؤلاء اليهود والمنافقون أصابهم مثل ما أصاب كفار قريش يوم بدر ، في السنة الثانية من الهجرة ، ومثل ما أصاب من قبلهم من يهود بني قينقاع الذين أجلاهم النّبي صلىاللهعليهوسلم من المدينة إلى أذرعات بالشام ، بعد سنة ونصف من الهجرة ، إنهم ذاقوا في زمان قريب سوء عاقبة كفرهم في الدنيا ، ولهم عذاب مؤلم جدّا في الآخرة. ولهم مثل آخر ، فإنهم مثل الشيطان الذي سوّل للإنسان الشّر ، وأغراه بالكفر وزيّنه له ، وحمله عليه ، فلما كفر مطاوعة للشيطان ، تبرأ الشيطان منه ، وقال على وجه التّبري من الإنسان : إني أخاف عذاب الله ربّ العالمين إذا ناصرتك ، أي ان مثل هاتين الفرقتين من المنافقين وبني النضير كمثل الشيطان والإنسان ، فالمنافقون مثلهم الشيطان ، وبنو النضير مثلهم الإنسان.
فكان عاقبة الفريقين : فريق المنافقين واليهود ، وعاقبة الشيطان الآمر بالكفر والإنسان المستجيب لوسوسة الشيطان : أنهما صائران إلى نار جهنم ، خالدان فيها على الدوام ، وذلك الجزاء وهو الخلود في النار هو جزاء الكافرين جميعا.
التذكير بالآخرة
تكرر في القرآن الكريم كثيرا الأمر بتقوى الله التي هي التزام المأمورات ، واجتناب المنهيات ، وذلك فيما يقارب مائتين وأربعين مرة ، إما بالأمر ، أو بالخبر ،