ذرني آتك بهم ، فانطلق ، فدعاهم ، فحلفوا له ما قالوا وما فعلوا ، فأنزل الله : (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً ..)
لقد استولى عليهم الشيطان وغلب على عقولهم فأنساهم ذكر الله ، فتركوا أوامر الله والعمل بطاعته ، أولئك ـ والإشارة لبعدهم في الغواية والضلال ـ جنود الشيطان وأتباعه ، ألا إن أعوان الشيطان هم الخاسرون الهالكون ، لأنهم باعوا الجنة بالنار ، والهدى بالضلال.
ان الذين يعادون الله ورسوله ، ويخالفون أوامر الله ونواهيه ، هم لا غيرهم في عداد الأذلّين المهانين. وقد قضى الله في الأزل أن الله ورسله هم الغالبون بالحجة وانتشار الإسلام ، إن الله قوي على نصر رسله ، غالب لأعدائه. وهذا تبشير بنصر المؤمنين على الكافرين.
قال مقاتل : لما فتح الله مكة للمؤمنين والطائف وخيبر وما حولها ، قالوا : نرجو أن يظهرنا الله على فارس والروم ، فقال عبد الله بن أبي : أتظنّون الروم وفارس كبعض القرى التي غلبتم عليها ، والله إنهم لأكثر وأشد بطشا من أن تظنّوا فيهم ذلك؟ فنزلت : (كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي)
وشأن المؤمنين أنهم لا يوادّون أعداء الله ، فلا تجد قوما آمنوا بالله واليوم الآخر يصادقون من عادى الله تعالى ورسوله ، حتى ولو كان المعادون من آبائهم وأبنائهم وإخوانهم وعشيرتهم (قرابتهم أو قبيلتهم) التي ينتمون إليها ، أي لا يجتمع في قلب واحد إيمان كامل مخلص مع موادّة الكفار ، أولئك الذين يتجنّبون موادّة أعداء الله والرسول ، ثبّت الله الإيمان الصحيح في قلوبهم ، وقوّاهم بنصره وأفرغ الطمأنينة في نفوسهم ، ويدخلهم ربهم جنات تجري من تحت قصورها الأنهار ، ماكثين فيها على الدوام ، وقد قبل الله أعمالهم ورضي عنهم ، وفرحوا بما أعطاهم ربّهم ، أولئك هم