الآية الأولى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ) نزلت في قوم من المنافقين تولوا قوما من اليهود وهم المغضوب عليهم.
ومعناها : أخبرني عن حال هؤلاء المنافقين الذين تولوا اليهود ومالؤوهم في الباطن ، ونقلوا إليهم أسرار المؤمنين ، فموقفهم يدعو إلى العجب. لذا فإن الله سخط عليهم ، وهم ، أي المنافقون ، في الواقع ليسوا من المؤمنين ولا من اليهود ، ويحلفون ، يعني المنافقين ، بالأيمان الكاذبة ، وهم يعلمون بطلان ما حلفوا عليه ، وأنه كذب لا حقيقة له.
هيّأ الله لهم العذاب المؤلم الشديد ، وهو عذاب الآخرة ، على أعمالهم السيئة المنكرة ، ومن أهمها موالاة الكافرين ، ومعاداة الكافرين ، ساء الفعل القبيح فعلهم في الماضي. اتّخذوا أيمانهم (جمع يمين) وقاية وسترا لتغطية نفاقهم ، وصون دمائهم ، فانخدع بهم بعض الناس ، ومنعوا الناس عن الإسلام ، بسبب تثبيطهم وتهوين شأن المسلمين ، فلهم عذاب مذلّ ذو إهانة في نار جهنم بسبب أيمانهم الكاذبة بالله تعالى.
لن تفيدهم أو تجديهم أموالهم ولا أولادهم شيئا من عذاب الله ، وأولئك المتصفون بهذه الصفات هم أهل النار ، لا يفارقونها ، ويمكثون فيها على الدوام ، لا يخرجون منها ولا يموتون فيها.
اذكر لهم أيها النّبي حين يبعثهم الله جميعا من قبورهم أحياء ، ويحشرهم يوم القيامة عن آخرهم ، فلا يترك أحدا منهم ، فيحلفون بالله عزوجل أنهم كانوا على الهدى والاستقامة ، كما كانوا يحلفون للناس في الدنيا ، ويظنّون أو يتخيّلون بجهلهم ، في الآخرة ، أنهم بتلك الأيمان الكاذبة على شيء مما ينفع أو يدفع الضّر وتقبل منهم ، كما ظنّوا في الدنيا ، ألا إنهم بهذا التّصور هم الكاذبون أشد الكذب فيما يحلفون عليه. نزلت في شأن منافق قال له النّبي صلىاللهعليهوسلم : علام تشتمني أنت وأصحابك؟ فقال :