بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) وفي هذا إعلام لمن يتناجون بالسوء والمكر ، على سبيل التوبيخ لهم والتبكيت وإلزام الحجة.
قال الإمام أحمد : افتتح الله الآية بالعلم ، واختتمها بالعلم. ومن المعلوم أن العالم بالأسرار والقدير على اتخاذ القرار يفعل ما يشاء بالناس ، مما يقتضي الحذر والالتزام بمرضاة العالم.
آداب المناجاة
تابع الله تعالى في كلامه عن النّجوى أو المسارّة بين الأفراد بيان حال الذين نهوا عن النّجوى وهم اليهود والمنافقون ، ثم عودتهم إلى المنهي عنه ، وتحيتهم بالسوء للنبي صلىاللهعليهوسلم قائلين له : السّام عليك ، أي الموت ، مما أوجب تهديدهم بدخول جهنم. وناسب ذلك التعريف بآداب المناجاة الاجتماعية ، من الامتناع عن التناجي بالإثم والعدوان ، والإلزام بالتناجي بالبر والتقوى ، أي بالخير ، وفعل كل ما يقي الإنسان عذاب النار ، من فعل الطاعات وترك المعاصي والمنكرات ، فقال الله تعالى :
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا عَنْهُ وَيَتَناجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْ لا يُعَذِّبُنَا اللهُ بِما نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٨) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَناجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوى وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٩) إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١٠)) (١) (٢) (٣) (٤) (٥) [المجادلة : ٥٨ / ٨ ـ ١٠].
__________________
(١) الإثم : بالمعصية ، والعدوان : الاعتداء على الآخرين.
(٢) خاطبوك بالتحية ، وهي الدعاء له بالحياة ، ومنه التحيات لله : البقاء.
(٣) كافيهم عذاب جهنم.
(٤) يدخلونها ويصطلون بحرّها.
(٥) تجمعون للجزاء.