ـ ومعهم ما يختارونه من ثمار الفاكهة ، وأنواع لحوم الطيور التي يشتهونها ، مما لذّ وطاب ، ومن المعلوم أن لحوم الطيور أيسر هضما وأعذب طعما.
ـ ولهم نساء حوريات بيض ، مع شدة سواد العين ، وشدة بياضها ، واسعات الأعين حسانها ، كأنواع اللآلى والدّرر المستورة التي لم تمسها الأيدي صفاء وبهجة ، وبياضا ومتعة ، وجمالا من أحسن الألوان ، يفعل بهم ذلك كله ، مجازاة لهم على ما أحسنوا من العمل.
ـ وفي الجنة لا يسمعون كلاما لاغيا لا معنى له ، واللغو : الفاحش من القول ، ولا كلاما فيه ما يوقع في الإثم من سبّ أو شتم أو ساقط الكلام. ولكن يسمعون أطيب الكلام ، ويتبادلون فيما بينهم التحية وأكرم السّلام ، كما في آية أخرى : (تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ) [إبراهيم : ١٤ / ٢٣]. والمراد أن هذا النعيم ليس مصحوبا بألم ، كنعيم الدنيا ، وإنما هو خال من الكدر والهمّ ، واللغو ، والقبح. وحكمة تأخير بيان ذلك عن ذكر الجزاء ، مع أنه من النّعم العظيمة : أنه من أتم النّعم ، فجعله المولى من باب الزيادة والتمييز ، لأنه نعمة اجتماعية تدلّ على نظافة أو طهر الوسط الاجتماعي ، بعد تبيان النّعم الشخصية.
وقوله تعالى : (جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) دليل على أن هذه الرّتب والنّعم هي بحسب أعمالهم ، لأنه روي أن المنازل والقسم في الجنة هي مقسّمة على قدر الأعمال. وأما دخول الجنة نفسه : فهو برحمة الله تبارك وتعالى وفضله ، لا بعمل عامل ، كما جاء في حديث صحيح ، أخرجه البخاري ومسلم وابن ماجه والدارمي وأحمد ، ولفظ البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لن ينجّي أحدا منكم عمله ، قالوا : ولا أنت يا رسول الله؟ قال : ولا أنا إلا أن يتغمدني الله