ثم رغب الله بالتوبة بقوله : (إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ) أي إن الله تعالى كثير الغفران للذنوب إذا تاب العبد منها.
والله تعالى بصير بكم حين ابتدأ خلقكم بخلق أبيكم آدم من التراب ، وحين أوجدكم أجنة : أولادا في بطون أمهاتكم ، فلا تمدحوا أنفسكم ، ولا تبرّئوها عن الآثام ، ولا تدّعوا الطهارة عن المعاصي ، فالله هو العليم بمن اتقى الشرك والمعاصي. وظاهر الآية : النهي عن أن يزكي أحد نفسه.
ثم ذكر الله تعالى على سبيل التعجب والتقريع خبر بعض المشركين ، الذي تميز بسوء فعله ، حيث أعرض عن الإيمان ، وأحجم عن العطاء ، وجهل ما غاب عنه من العذاب.
ومعنى الآية : أخبرني وأعلمني بهذا الذي تولى عن الخير ، وأعرض عن اتباع الحق ، أعطى قليلا من المال ثم لم يتمه ، ليتحمل عنه غيره وزره ، هل عنده علم ما غاب عنه من أمر العذاب؟ أو أعلم من الغيب أن من تحمل ذنوب آخر ، فإن المتحمّل عنه ينتفع بذلك؟
أخرج الواحدي وابن جرير عن مجاهد وابن زيد قال : نزلت في الوليد بن المغيرة ، وكان قد اتّبع رسول الله صلىاللهعليهوسلم على دينه ، فعيّره بعض المشركين ، وقال : لم تركت دين الأشياخ وضللتهم ، وزعمت أنهم في النار؟ قال : إني خشيت عذاب الله ، فضمن له إن هو أعطاه شيئا من ماله ، ورجع إلى شركه ، أن يتحمل عنه عذاب الله سبحانه وتعالى ، فأعطى الذي عاتبه بعض ما كان ضمن له ، ثم بخل ومنعه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال السدي : نزلت في العاص بن وائل السهمي ، وقال محمد بن كعب القرظي : نزلت في أبي جهل بن هشام.