صورة جبريل ،
وإنما كان في كامل وعيه ، وكان فؤاده صادقا ، فتكون عينه أصدق ، فكيف تجادلونه
وتكذبونه معشر قريش فيما رآه بعينه رؤية مشاهدة محسوسة؟ وقوله : (أَفَتُمارُونَهُ) خطاب لقريش معناه : أتكذبون فتجادلونه على ما يراه معاينة؟
ولم يرو قط أن محمدا صلىاللهعليهوسلم رأى ربه عزوجل قبل ليلة الإسراء. ولكن لا مانع من رؤية القلب. أخرج مسلم
والترمذي وأحمد : أن أبا ذر سأل النبي صلىاللهعليهوسلم : هل رأيت ربّك؟ فقال : «نور أنى أراه».
ولقد رأى محمد صلىاللهعليهوسلم جبريل نازلا مرة أخرى على صورته التي خلقه الله عليها ،
وذلك في ليلة الإسراء ، عند سدرة المنتهى التي هي في المشهور : شجرة في السماء
السابعة ، وعندها الجنة التي تأوي إليها أرواح المؤمنين.
ونحن نؤمن بسدرة
المنتهى ، على النحو الوارد في ظاهر القرآن الكريم ، دون تعيين مكانها وأوصافها.
وتلك السدرة يحيط
بها من الخلائق الدالة على عظمة الله وجلاله ما يحيط ، مما لا يحصره وصف ولا عدد.
وهذا يشعر بالتعظيم والتكثير.
ما مال بصر النبي صلىاللهعليهوسلم عما رآه ، وما تجاوز ما رأى ، فرؤية جبريل وغيره من مظاهر
ملكوت الله رؤية عين ، وليست من خدع البصر ، وهذا يؤكد أن معراج النبي صلىاللهعليهوسلم إلى السماء كان بالروح والجسد.
لقد رأى في ليلة
المعراج من آيات ربه العظام ما لا يحيط به الوصف ، وهو رؤية جبريل على صورته ،
وسائر عجائب الملكوت و (الكبرى) : وصف ل (آيات). وهذا كما جاء في آية أخرى : (لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا) [الإسراء : ١٧ / ١]
ولكن دون تحديد المرئي ، للإشارة إلى تعظيمه وأهميته.
__________________