أقسم الله تعالى بالنجم إذا مال للغروب ، تشريفا له ، حتى يؤول ذلك إلى معرفة الله تبارك وتعالى. مثل قوله تعالى : (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ) (٧٥) [الواقعة : ٥٦ / ٧٥].
والمقسم عليه وهو الوحي حق ثابت. فما عدل النبي صلىاللهعليهوسلم عن طريق الحق إلى الباطل ، وما جهل بما أوحي إليه. والضلال : هو الذي يكون بغير قصد من الإنسان. والغي : ما تتكسبه وتريده.
وما يقول هذا النبي قولا عن هوى وغرض ، إن كل ما ينطق به هو وحي أوحاه الله إليه ، ويبلّغ جميع وحي الله من غير زيادة ولا نقصان. والمراد بالوحي : القرآن. والوحي : إلقاء المعنى في خفاء.
ومعلّم القرآن الناقل عن رب العزة : هو جبريل عليهالسلام ، الشديد بقواه العلمية والعملية ، وهو ذو قوة وشدة ، وذو حصافة في العقل ، ومتانة في الرأي ، وقد اعتدل على صورته الحقيقية التي خلقه الله عليها ، حين كان في الأفق الأعلى ، أي في الجهة العليا من السماء ، وهو أفق الشمس ، فسدّ الأفق حين جاء بالوحي إلى النبي صلىاللهعليهوسلم أول مجيئه.
ثم قرب جبريل من الأرض إلى محمد صلىاللهعليهوسلم عند حراء ، وتعلق بالهواء ، وازداد في القرب من محمد والنزول ، فكان فيما بينهما مقدار ما بين قوسين من المسافة أو أقل من ذلك ، فأوحى جبريل إلى عبد الله ، ما أوحى من القرآن في تلك النزلة ، من شؤون الدين والتشريع ، وهذا كان في أثناء رؤية حقيقة جبريل ، والرسول في الأرض في حراء. ورآه مرة أخرى على حقيقته ، والرسول في السماء ، ليلة الإسراء ، وحينما رآه سدّ الأفق ، له ست مائة جناح.
ولم تكن رؤية جبريل خيالا ، وإنما حقيقة معاينة ، فما أنكر فؤاد النبي ما رآه من