قائمة الکتاب
إعدادات
التفسير الوسيط [ ج ٣ ]
التفسير الوسيط [ ج ٣ ]
تحمیل
صورة جبريل ، وإنما كان في كامل وعيه ، وكان فؤاده صادقا ، فتكون عينه أصدق ، فكيف تجادلونه وتكذبونه معشر قريش فيما رآه بعينه رؤية مشاهدة محسوسة؟ وقوله : (أَفَتُمارُونَهُ) (١) خطاب لقريش معناه : أتكذبون فتجادلونه على ما يراه معاينة؟ ولم يرو قط أن محمدا صلىاللهعليهوسلم رأى ربه عزوجل قبل ليلة الإسراء. ولكن لا مانع من رؤية القلب. أخرج مسلم والترمذي وأحمد : أن أبا ذر سأل النبي صلىاللهعليهوسلم : هل رأيت ربّك؟ فقال : «نور أنى أراه».
ولقد رأى محمد صلىاللهعليهوسلم جبريل نازلا مرة أخرى على صورته التي خلقه الله عليها ، وذلك في ليلة الإسراء ، عند سدرة المنتهى التي هي في المشهور : شجرة في السماء السابعة ، وعندها الجنة التي تأوي إليها أرواح المؤمنين.
ونحن نؤمن بسدرة المنتهى ، على النحو الوارد في ظاهر القرآن الكريم ، دون تعيين مكانها وأوصافها.
وتلك السدرة يحيط بها من الخلائق الدالة على عظمة الله وجلاله ما يحيط ، مما لا يحصره وصف ولا عدد. وهذا يشعر بالتعظيم والتكثير.
ما مال بصر النبي صلىاللهعليهوسلم عما رآه ، وما تجاوز ما رأى ، فرؤية جبريل وغيره من مظاهر ملكوت الله رؤية عين ، وليست من خدع البصر ، وهذا يؤكد أن معراج النبي صلىاللهعليهوسلم إلى السماء كان بالروح والجسد.
لقد رأى في ليلة المعراج من آيات ربه العظام ما لا يحيط به الوصف ، وهو رؤية جبريل على صورته ، وسائر عجائب الملكوت و (الكبرى) : وصف ل (آيات). وهذا كما جاء في آية أخرى : (لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا) [الإسراء : ١٧ / ١] ولكن دون تحديد المرئي ، للإشارة إلى تعظيمه وأهميته.
__________________
(١) أتجادلونه في شيء رآه وأبصره؟