وانقاد لأوامره ، واجتنب نواهيه ، وهو بيت لوط بن هاران بن تارح ابن أخي إبراهيم عليهالسلام ، آمن أي لوط برسالة عمه إبراهيم ، وتبعه في رحلاته إلى مصر ، ثم تركه عن تراض ، ونزل إلى سدوم في الأردن. وكان المؤمنون الناجون ثلاثة عشر ، هم لوط وأهل بيته إلا امرأته.
وقوله تعالى : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) و (مِنَ الْمُسْلِمِينَ) لا تغاير هنا بينهما ، لأن أسرة لوط كانوا قوما مؤمنين ومسلمين ، والمقرر عند أهل السنة : أن الإيمان أخص من الإسلام ، فكل مؤمن مسلم ولا ينعكس ، فاتفق الوصفان هنا ، لخصوصية الحال ، ولا يلزم ذلك في كل حال. ودليل التفرقة بين الإيمان والإسلام قوله تعالى : (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا) [الحجرات : ٤٩ / ١٤].
والعبرة من قصة قوم لوط : ما أخبر الله تعالى عنه : لقد أبقينا في تلك القرى علامة ودلالة لكل من يخاف عذاب الله ويخشاه ، وهم المؤمنون ، وهي آثار العذاب المدمر المؤلم ، فإنها ما تزال ظاهرة بينة ، وأثرا باقيا مؤرخا لا يفنى ذكره. فهو آية (علامة) على قدرة الله تعالى ، وانتقامه من الكفرة.
تدمير قوم نوح وفرعون وعاد وثمود
لقد طوى الله عزوجل وجود أقوام غابرين من التاريخ ، فاستأصلهم ولم يبق أحدا منهم ، وهم قوم نوح وفرعون ولوط وعاد وثمود ، وإنما ترك بعض آثارهم للعبرة والعظة ، مع بيان جرائمهم ومعاصيهم التي ارتكبوها ، لمعرفة أن العذاب أو الجزاء قائم على مبدأ الحق والعدل ، فلا ظلم ولا تجاوز فيه ، وإنما التجاوز لحدود الله ، وتكذيب رسله : كان هو السبب المباشر ، ومناط العقاب ، مما يثير التفكير ويبعث على التأمل لتفادي الموبقات ، وهذا ما دونته الآيات الآتية هنا بإيجاز :