تستعجلون أو تطلبون تعجيله ، استهزاء منكم ، وظنا أنه غير كائن ، واستعجالهم هو قولهم : (أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ) وغير ذلك من الآيات التي تقتضي استعجالهم على جهة التكذيب منهم.
يفهم من هذه الآيات أن وقوع البعث أمر مقطوع به ، ولو لا التأكيد عليه ، لما أقسم الله بهذه المخلوقات ، والقسم عليها بغير بدئها بالحروف الأبجدية هو الظاهرة الشائعة في القرآن لإثبات أصول العقيدة : وهي التوحيد ، والنبوة ، والبعث ، فسورة الصافات مثلا أقسم الله فيها لإثبات توحيد الذات الإلهية ، فقال : (إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ) (٤) [الصافات : ٣٧ / ٤]. وسورة النجم والضحى ، أقسم الله فيها على صدق الرسول صلىاللهعليهوسلم ، فقال : (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى (١) ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى) (٢) [النجم : ٥٣ / ١ ـ ٢]. وقال : (وَالضُّحى (١) وَاللَّيْلِ إِذا سَجى (٢) ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى) (٣) [الضحى : ٩٣ / ١ ـ ٣]. وبقية السور كان المقسم عليه كما في الذاريات هو البعث والجزاء.
ويلاحظ أيضا أن الله تعالى أقسم بجموع المؤنث السالم في سور خمس ، ففي سورة (الصافات) لإثبات الوحدانية أقسم الله بالساكنات ، وفي بقية السور ، أقسم بالمتحركات لإثبات الحشر ، فقال : «والذاريات» «والمرسلات» «والنازعات» «والعاديات» لأن في الحشر جمعا وتفريقا ، وهو يناسب الحركة.
وتعجل العرب المشركين العذاب ، وإصرارهم على كفرهم : هو الذي جعلهم يسألون استهزاء وشكا في القيامة وعنادا ، متى يوم الحساب؟ فكان جواب الخالق : إنه اليوم الذي تحرقون فيه في نار جهنم ، وضم إليه التوبيخ والتهكم بهم قائلا منه أو من طريق الخزنة : ذوقوا عذابكم وجزاء تكذيبكم ، ذلك العذاب الذي استعجلتم به في الدنيا.