الواقع في شك وحيرة من خلق مبتدأ جديد أو مستأنف بين مصدق ومكذب ، وهو بعث الأموات من القبور.
وكما أن قدرة الله على البعث وغيره تامة ، علم الله شامل ، وتالله لقد أوجدنا الإنسان (اسم جنس) ونعلم بجميع أموره ، ونحن أقرب إليه من حبل وريده ، فكيف يخفى علينا شيء مما في قلبه؟ إن الله تعالى يعلم كل ما يصدر عن الإنسان ، حتى ما يجول في خاطره ، وحتى حديث النفس ، وإن كان لا عقاب على حديث النفس ، لما رواه أصحاب الكتب الستة عن أبي هريرة : «إن الله تعالى تجاوز لأمتي عما حدّثت به أنفسها ، ما لم تتكلم به أو تعمل به».
وقوله (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ) عبارة عن قدرة الله تعالى على العبد ، وكون العبد في قبضة القدرة والعلم ، قد أحيط به. والآية حجة على منكري البعث والجزاء ، والله تعالى وكل بكل إنسان ملكين يكتبان ويحفظان عليه عمله ، إحقاقا للحق وإقامة العدل ، وإلزاما للحجة.
والله أقرب شيء للإنسان حين يتلقى الملكان الحفيظان ما يتلفظ به وما يعمل به ، فيأخذان ذلك ويثبّتانه ، عن اليمين قعيد ، وعن الشمال قعيد ، والقعيد : من يقعد معك ، فملك اليمين يكتب الحسنات ، وملك الشمال يكتب السيئات.
ويحتمل أن يكون العامل في قوله تعالى : (إِذْ يَتَلَقَّى) فعلا مضمرا تقديره : اذكر إذ يتلقى. والمتلقيان : الملكان الموكلان بكل إنسان.
والقرب المراد في الآية : بالقدرة والملك. ويكون هناك إخبارات متوالية : الإخبار بعلم ما في نفس الإنسان ، والإخبار بتدوين الملكين ما يصدر عن الإنسان ، ثم خبر مجيء سكرة الموت ، والنفخ في الصور ، ومجيء كل نفس معها السائق والشهيد (أي ملكان أحدهما يسوقه إلى المحشر والآخر يشهد عليه).