ورسوله ، فربما أخطأتم ، واتقوا الله في كل أموركم ، وراقبوه في تجاوز ما لم يأذن به الله تعالى ورسوله ، فإن الله سميع لأقوالكم ، عليم بأفعالكم ونياتكم. وهذا نهي صريح عن مخالفة القرآن والسنة.
نزلت ـ كما روى البخاري والترمذي وغيرهما ـ لما قدم وفد بني تميم ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : يا رسول الله ، لو أمّرت الأقرع بن حابس ، وقال عمر رضي الله عنه : يا رسول الله ، بل أمّر القعقاع بن معبد ، فقال أبو بكر : ما أردت إلا خلافي ، فقال عمر : ما أردت خلافك ، وارتفعت أصواتهما ، فنزلت الآية في ذلك.
وأكّد الله تعالى الأدب السابق بغض الصوت ، فيا أيها المؤمنون ، إذا خاطبتم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فلا ترفعوا أصواتكم فوق صوته ، لأن ذلك يدل على ترك الاحترام والأدب ، وخاطبوه بالسكينة والوقار والصوت الهادئ ، خلافا لعادتكم مع بعضكم برفع الصوت ، والجهر غير المعتاد بالقول ، ولا تقولوا : يا محمد ، ويا أحمد ، ولكن : يا نبي الله ، أو يا رسول الله ، توقيرا له ، واحتراما لرسالته ، نهاكم الله عن رفع الصوت المزعج ، خشية أن يذهب ثواب أعمالكم ، أو وقوعكم في الكفر ، من حيث لا تشعرون بذلك. أخرج ابن جرير عن قتادة قال : كانوا يجهرون له بالكلام ، ويرفعون أصواتهم ، فأنزل الله : (لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ) الآية.
ثم رغب القرآن في خفض الصوت ، فقال الله تعالى : إن الذين يخفضون أصواتهم أثناء مكالمة النبي صلىاللهعليهوسلم أو في مجالسه ، أخلص الله قلوبهم للتقوى ، وجعلها أهلا ومحلا لها ، أو اختبرها وطهّرها كما يمتحن الذهب بالنار ، فيسّرها وهيأها للتقوى ، ولهم مغفرة لذنوبهم ، وثواب عظيم على تأدبهم بخفض الصوت وسائر الطاعات. نزلت ـ كما أخرج ابن جرير ـ في ثابت بن قيس الذي آلى على نفسه ألا يرفع صوته أبدا على صوت رسول الله صلىاللهعليهوسلم. وقال ابن عباس : لما نزل قوله تعالى : (لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ)