يمتازون بالشدة والصلابة على الكفار الذين جحدوا بوحدانية الله ، ويتراحمون فيما بينهم. وكلمة : (وَالَّذِينَ مَعَهُ) مبتدأ ، وخبره : أشداء ، ورحماء : خبر ثان. ووصف الشدة كما في آية أخرى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً) [التوبة : ٩ / ١٢٣]. ووصف الرحمة كما جاء في حديث صحيح أخرجه الإمام أحمد ومسلم ، عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد ، إذا اشتكى منه عضو ، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى».
وهاتان صفتان لهم ، وبقية الصفات هي :
ـ إنك تشاهدهم يكثرون الصلاة بإخلاص ، فتراهم راكعين ساجدين ، يطلبون الثواب والرضا من الله ، ويحتسبون عند الله تعالى جزيل الثواب : وهو الجنة.
ـ وعلامتهم المميزة لهم : وجود النور والوقار في الوجه والسمت الحسن والخشوع.
ـ ذلك الوصف المذكور للصحابة هو وصفهم المذكور في التوراة ، والإنجيل ، كانوا ضعافا ، فتقوّوا ، وصاروا في تكاثرهم مثل الزرع الذي أخرج فروعه على جوانبه ، فاشتد وقوي ، وأعانه وشدّه ، واستقام وقوي على سوقه أو أصله ، يعجب هذا الزرع الزّرّاع لقوته وحسن منظره ، وتكاثر ليكونوا غيظا للكافرين.
و (يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ) جملة في موضع الحال ، فإذا أعجب الزراع ، فهو أحرى أن يعجب غيرهم. وقوله : (لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ) ابتداء كلام ، قبله محذوف ، تقديره : جعلهم الله تعالى بهذه الصفة ليغيظ بهم الكفار ، أي المشركين ، وعد الله تعالى الذين آمنوا بالله ورسوله ، وعملوا صالح الأعمال ، أي الواجبات ، منهم : أن يغفر ذنوبهم ، ويجعل لهم ثوابا جزيلا في الجنة و (من) لبيان الجنس لا للتبعيض.