أنكم ستدخلون المسجد الحرام بمشيئة الله تعالى ، في عام قابل ، وليس في عام الحديبية ، حالة كونكم آمنين من العدو ، محلقا بعضكم جميع رأسه ، ومقصرا بعضكم الآخر ، لا تخافون من أحد.
فعلم الله ما لم تعلموا من الحكمة والمصلحة في تأخير العمرة إلى العام القادم ، وانتشار الإسلام ودخول الناس فيه ، والحفاظ على من كان من المؤمنين في مكة ، فجعل من دون ذلك الفتح فتحا قريب الحصول : هو بيعة الرضوان ، في رأي كثير من الصحابة ، أو هو صلح الحديبية فيما روي عن مجاهد وابن إسحاق ، أو هو فتح خيبر ، وهو الأولى ، فهو كالدليل على صدق الرؤيا وتحققها.
وليس الفتح القريب هو فتح مكة ، لأن ذلك لم يكن من دون دخول النبي صلىاللهعليهوسلم وأصحابه مكة ، بل كان بعد ذلك بعام ، لأن الفتح لمكة كان سنة ثمان من الهجرة. وربط دخول المسجد الحرام بمشيئة الله ، لتعليم العباد الأدب ، وإرشادهم إلى تعليق كل أمر بمشيئة الله تعالى ، سواء كان محقق الوقوع أو محتمل الوقوع.
وأكد الله تعالى تحقيق الرؤيا بتصديق الرسول صلىاللهعليهوسلم في كل شيء ، فالله هو الذي أرسل رسوله محمدا بالهدى ، أي بالإرشاد إلى الطريق الأقوم ، وإلى دين الإسلام ، والعلم النافع ، والعمل الصالح ، ليحقق إعلاءه وإظهاره على كل الأديان ، وإن بقي من الدين الآخر أجزاء. وكفى بالله شاهدا عندكم بهذا الخبر ومعلما به ، وبهذا الوعد ، من إظهار دينه على جميع الأديان ، وهو رد على سهيل بن عمرو سفير أهل مكة لعقد صلح الحديبية ، الذي أبى أن يكتب في مقدمة الصلح البسملة وكلمة (رسول الله). فالآية على هذا وعيد للمشركين الذين رفضوا هذه الكلمة ، فرد الله تعالى عليهم بهذه الآية.
محمد رسول من عند الله حقا بلا شك ، وهو مبتدأ وخبر ، وصحابته الذين معه