المسلمون ، بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم في أثرهم خالد بن الوليد ، وسماه حينئذ (سيف الله) في جملة من الناس ، ففروا أمامهم حتى أدخلوهم بيوت مكة ، وأسروا منهم جملة ، فسيقوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فمنّ عليهم وأطلقهم ، فهذا هو كفّ الله تعالى أيديهم عن المسلمين بالرعب ، وكفّ أيدي المسلمين عنهم بالنهي عن القتال في بيوت مكة وغيرها ، وذلك هو (بطن مكة).
أسباب وآثار صلح الحديبية
أوضح الله تعالى في كتابه موقف المشركين من المسلمين قبل صلح الحديبية ، من إعلان الكفر وصد المؤمنين عن البيت الحرام ، وبيّن حكمة هذا الصلح ، من أجل تعظيم حرمة المسجد الحرام ، ونشر الإسلام وسلامة النساء والرجال المؤمنين ، والقضاء على الحمية الجاهلية في مهدها ، وكانت آثار هذا الصلح عظيمة ، بإنزال السكينة والطمأنينة والثبات على قلب الرسول صلىاللهعليهوسلم وأتباعه المؤمنين :
(هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً (٢٥) إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (٢٦)) (١) (٢) (٣) [الفتح : ٤٨ / ٢٥ ـ ٢٦].
المعنى : لم يكن كفّ المسلمين عن المشركين عام الحديبية لخير فيهم ، فإنهم هم
__________________
(١) أي صدوكم وصدوا الهدي (وهو شاة ونحوها من الأنعام) محبوسا عن الوصول للحرم.
(٢) مكروه ومشقة.
(٣) تميزوا عن الكفار ، أو تفرقوا عنهم.