أو الدهر ، ولا دليل لهم على هذه المقالة من نقل أو عقل ، وما مستندهم إلا الظن والتخمين ، من غير حجة أصلا ، فهي ظنون منهم وتخرّصات ، تفضي بهم إلى الإشراك بالله تعالى. والدهر والزمان بمعنى واحد عند العرب. أخرج ابن المنذر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان أهل الجاهلية يقولون : إنما يهلكنا الليل والنهار ، فأنزل الله : (وَقالُوا ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ)
ودليلهم على إنكار البعث ما قالوا : إذا تليت عليهم بعض آيات القرآن ، واضحات الدلالة على قدرة الله على البعث والقيامة ، قالوا : أحضروا آباءنا الذين ماتوا أحياء ، إن كنتم أيها المؤمنون صادقين في إمكان البعث ، لنسألهم عما رأوا ، ويشهدوا لنا بصحة البعث.
فأجابهم الله تعالى : قل أيها النبي لهؤلاء المشركين منكري البعث : إن الله أحياكم في الدنيا ، ثم يميتكم عند انقضاء آجالكم ، ثم يجمعكم جميعا يوم القيامة ، جمعا لا شك فيه بعد إماتتكم ، بلا ريب في نفسه وذاته ، فإن الذي قدر على البداءة ، قادر على الإعادة بطريق الأولى ، ولكن أكثر الناس ، وهم مشركو العرب ينكرون البعث ، من غير تأمل ولا تدبر وإمعان فكر.
ودليل آخر على إمكان البعث : قدرة الله الخارقة ، فالله مالك السماوات والأرض ، والحاكم فيهما ، والمتصرف بهما وحده في الدنيا والآخرة ، ويوم تقوم القيامة ، يخسر المكذبون الكافرون المتعلقون بالأباطيل ، بدخول جهنم ، يظهر خسرانهم في ذلك اليوم ، لصيرورتهم إلى النار.
ومن أهوال القيامة : ترى كل أمة (جماعة عظيمة من الناس يجمعها معنى أو وصف شامل لها) جاثية على الركب ، وهي هيئة المذنب الخائف ، فهم لشدة الأمر ، يجثون على الركب بين يدي الله عند الحساب ، وكل أمة تدعى إلى كتابها المنزل