وهذه آية تحكم بعظمة الله وتخبر بألوهيته ، والمراد بها : أنه تعالى هو المنافذ أمره في كل شيء.
ـ ولا نفع للأصنام ، فقد تعاظم الله وزادت خيراته وبركاته ، فهو مالك السماوات والأرض ، وما بينهما من الفضاء والهواء ، وجميع الموجودات من إنسان وحيوان ، وهو خالق كل شيء ، وهذا حصر لجميع الموجودات المحسوسة ، والله هو المختص بعلم الساعة ، أي بتحديد قيامها ، ووقتها ، وتعيينه وحصره. فهذا مما استأثر الله بعلمه ، وإليه مرجع أو مصير الخلائق كلها ، فيجازي كل إنسان بعمله ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر. فقوله : (وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ) هم المعبودون.
ـ ولا تملك الأصنام ولا تقدر كأي معبود من دون الله الشفاعة بأحد ، كما يزعم عبدتها من أنها تشفع لهم ، لكن من آمن وشهد بالحق المنزل من عند الله ، عن بصيرة ويقين ، وبأن الله وحده لا شريك له ، فإن شفاعته مقبولة عند الله بإذنه ، وكان هؤلاء المشفعون على علم وبصيرة بما شهدوا به.
ـ وتالله لئن سألت هؤلاء المشركين بالله ، العابدين معه غيره عمن خلقهم؟ لأجابوا بأنه هو الله ، فهم يعترفون بأن الله خالق جميع الأشياء ، ومع هذا يعبدون معه غيره ممن لا يملك شيئا ، ولا يقدر على شيء ، فكيف يصرفون عن العبادة الحقة؟ وهي عبادة الله عزوجل إلى عبادة غيره ، ومع وجود هذا الاعتراف ، إنهم إذن في غاية التناقض ، والجهل ، والسفاهة ، ومدعاة التعجب. لقد أظهر الله تعالى الحجة عليهم من أقوالهم وإقرارهم بأن الله تعالى هو خالقهم وموجدهم بعد العدم ، فلأي جهة يصرفون؟!
ـ والله تعالى عالم بالساعة ، أي القيامة ، وعالم بشكوى نبيه صلىاللهعليهوسلم وقوله : يا رب ، إن هؤلاء القوم الذين أرسلتني إليهم قوم لا يؤمنون ولا يصدّقون بك ، ولا برسالتي إليهم.