إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله ، فأنزل الله هذه الآية : (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ ..) الآية.
والمعنى : من يتغافل أو يتعام عن النظر في القرآن في القرآن والعمل به ، ومن يعرض عن شرع الله تعالى ، ويقلّ نظره في تذكير الرحمن الذي ذكّر به عباده ، نيسر له شيطانا يلازمه ويغويه ، فيكون له قرينا مصاحبا له على الدوام ، أي إن هذا عقاب على الكفر بالطبع على القلب وعدم الفلاح ، وهذا كما يقال : إن الله تعالى يعاقب على المعصية بالتزيد في المعاصي ، ويجازي على الحسنات بالتزيّد في الحسنات ، وقد روي هذا المعنى مرفوعا ، ونقيض له شيطانا : نهيّئ ونضم ونيسر له.
وإن الشياطين الذين يقيضهم الله تعالى لكل معرض عن ذكر الرحمن ، ليمنعونهم بالوسواس عن سبيل الحق والرشاد ، ويحسب الكفار بسبب تلك الوسوسة أنهم مهتدون إلى الحق والصواب.
ثم يتبرأ الكافر في الآخرة من قرينه الشيطان ، فإنه إذا وافى الله يوم القيامة يتبرم بالشيطان الذي وكل به ، ويتمنى البعد عنه كما بين المشرق والمغرب ، فبئس الصاحب الملازم للإنسان شيطانه.
ويقال للكافرين في الآخرة توبيخا : لن ينفعكم في هذا اليوم شيء ، إذ تبين أنكم ظلمتم أنفسكم في الدنيا ، ولن ينفعكم اشتراككم في العذاب ، أي لن يفيدكم مواساة الآخرين في أنكم وهم متساوون في العذاب ، إذ التأسي أو المواساة راحة لكل مصاب في الدنيا في الأغلب ، فهي أي المواساة تخفف ألم المصابين.
ثم أخبر الله نبيه مواساة له أن دعوته لا تؤثر في قلوب قومه ، بالاستفهام ، فقال له : أتستطيع أيها الرسول إسماع الصمّ والعمي والغارقين في ضلال واضح؟ وهذه أوصاف ثلاثة بعد وصفهم بالعشا ، أي التعامي عن القرآن.