وأعماله ، كما جاء في آية أخرى : (قُلْ لا تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنا وَلا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٢٥)) [سبأ : ٣٤ / ٢٥].
ومن مضمون الخبر أو الأمر : (لا حُجَّةَ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ) أي لا خصومة بين الفريقين ، لأن الحق قد ظهر كالشمس ، والخبر أو الأمر التاسع والعاشر : أن الله يجمع بين الجميع في المحشر يوم القيامة ، فيقضي بينهم بالحق في خلافاتهم ، فإليه مصير جميع الخلائق.
ثم أوضح الله تعالى بطلان حجة المجادلين في دين الله ، وهم الذين يخاصمون في دين الله بعد استجابة الناس له ، ودخولهم فيه ، حجتهم زائلة باطلة عند ربهم ، وعليهم غضب عظيم من الله لمجادلتهم بالباطل ، ولهم عذاب شديد يوم القيامة.
نزلت آية (وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللهِ) حينما قال المشركون بمكة للمؤمنين : قد دخل الناس في دين الله أفواجا ، فاخرجوا من بين أظهرنا ، فعلام تقيمون بين أظهرنا؟!
ثم رد الله تعالى على المجادلين : بأنه سبحانه هو الذي أنزل جميع الكتب السماوية على الرسل إنزالا ملازما للحق ، مشتملا عليه ، مقترنا به ، وأنزل مبدأ الميزان ، أي العدل والتسوية والإنصاف ، ليحكم به بين البشر ، وسمي العدل ميزانا ، لأنه آلة الإنصاف والمعادلة ، فليعمل كل واحد بقاعدة العدل ، قبل الحساب ، وما يعلمك أيها الرسول وكل مخاطب أن مجيء القيامة قريب الحصول ، فيحاسب كل امرئ على ما قدّم.
لكن يتعجل المشركون غير المؤمنين بالقيامة بقدومها ، استهزاء وعنادا وتكذيبا ، وأما المؤمنون فهم خائفون من وقوعها ، ويعلمون أنها كائنة لا محالة ، وأن وقوعها حق ثابت لا محيد عنه.