تفسير سورة الناس
الاستعاذة من شر الشياطين
على الرغم من تميز الإنسان بالعقل والفكر ، والمحاكمة وموازنة الأمور ، فإنه لا سيما العامي ، يظل ضعيفا ، تتغلب عليه الأهواء ، والشياطين من الإنس والجن ، فينقاد لها ، وتهيمن عليه فيرتجف منها ، وتسيطر عليه ، فلا يستطيع الفكاك منها إذا لم يلجأ لربه ، أو يعتمد على إيمانه وصلته بالله تعالى. وقد علّمنا الله تعالى طريق الاستعاذة ، تفضلا منه ورحمة في سورة الناس التي هي على الصحيح كالفلق مدنية وليست مكية ، قال ابن عباس وقتادة وجماعة عن سورة الفلق : إنها مدنية ، قال الألوسي : وهو الصحيح ، لأن سبب نزولها سحر اليهود ، وهم إنما سحروه عليه الصلاة والسّلام بالمدينة ، كما جاء في الصحاح ، فلا يلتفت لمن صحح كونها مكية ، وكذا الكلام في سورة الناس ، قال قتادة : هي مكية ، والصحيح ما قال ابن عباس وغيره : هي مدنية ، وهذا نصها :
(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (١) مَلِكِ النَّاسِ (٢) إِلهِ النَّاسِ (٣) مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ (٤) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (٥) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (٦)) (١) (٢) (٣) (٤) [الناس : ١١٤ / ١ ـ ٦].
__________________
(١) التجئ وأحتمي.
(٢) اسم من أسماء الشيطان ، فهو الذي يوسوس للناس في صدورهم أحاديث السوء.
(٣) صيغة مبالغة ، من عادته أن يخنس ، أي يتأخر ، وإذا زجر انزجر ورجع.
(٤) بيان للوسواس ، والجنة : الجن المستتر الذي لا يعلم به إلا الله.