ـ ومصدر التحديث : بأن ربك ألهمها ، أي تحدّث أخبارها بوحي الله وإذنه لها ، بأن تتحدث وتشهد.
ـ في هذا اليوم المضطرب والخراب المدمر ، يصدر (يخرج) الناس من قبورهم إلى موقف الحساب ، متفرقين ، مختلفي الأحوال ، فمنهم المؤمن الآمن ، ومنهم الخائف ، ومنهم كافرون ، ومنهم عصاة ، ومنهم فريق الجنة ، ومنهم فريق النار ، الكل سائر إلى العرض ليريهم الله أعمالهم معروضة عليهم.
ثم أخبر الله تعالى أنه من عمل عملا رآه ، قليلا كان أو كثيرا ، فمن يعمل في الدنيا وزن نملة صغيرة ، أو هباء لا يرى إلا في ضوء الشمس ، يجده يوم القيامة في كتابه ، ويلقى جزاءه ، فيفرح به ، أو يراه بعينه معروضا عليه ، وكذلك من يعمل في الدنيا أي شيء من الشر ، ولو كان حقيرا أو قليلا ، يجد جزاءه يوم القيامة ، فيسوؤه.
يرى الخير كله من كان مؤمنا ، والكافر لا يرى في الآخرة خيرا ، لأن خيره قد عجّل له في دنياه. وكذلك المؤمن أيضا له سيئاته الصغار في دنياه في المصائب والأمراض ونحوها. ويحصل من مجموع هذا : أن من عمل من المؤمنين مثقال ذرة من خير أو شر رآه ، وألّا يرى الكافر خيرا في الآخرة. ويؤيد هذا حديث عائشة رضي الله عنها الذي أخرجه الإمام أحمد ومسلم وغيرهما : «قالت : قلت : يا رسول الله ، أرأيت ما كان يفعل عبد الله بن جدعان من البرّ ، وصلة الرحم ، وإطعام الطعام ، أله في ذلك أجر؟ فقال : لا ، إنه لم يقل قط : رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين».
وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يسمي هذه الآية : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ..) الجامعة الفاذّة.
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : لما نزلت : (ويطعمون الطعام على حبّه) الآية ، كان المسلمون يرون أنهم لا يؤجرون على الشيء القليل ، إذا أعطوه ،