وقوله : (زِلْزالَها) أبلغ من قوله : (زلزالا) دون إضافة للأرض ، لأن المصدر غير المضاف يقع على كل قدر من الزلزال ، وإن قل ، وإذا أضيف إليها ، وجب أن يكون على قدر ما يستحقه ، فهو يفيد إيفاء الشيء حقه.
ـ وألقت ما في جوفها من الأموات والدفائن ، وهي أثقالها ، وهذه إشارة إلى البعث ، كما جاء في آية أخرى : (وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (٣) وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ) (٤) [الانشقاق : ٨٤ / ٣ ـ ٤]. وذلك في النفخة الثانية. وقال ابن عطية : وليست القيامة بموطن لإخراج الكنوز ، وإنما تخرج كنوزها وقت الدجال.
ـ وقال كل إنسان مؤمن أو كافر (جنس الإنسان) لمّا يبهره أمرها ، ويذهله خطبها ، ويستهول المرئي : ما لهذه الأرض ، ولأي شيء زلزلت ، وأخرجت أثقالها؟ وقد قال عليه الصلاة والسّلام ـ فيما أخرجه أحمد والطبراني في الأوسط والحاكم ـ عن ابن عباس رضي الله عنهما : «ليس الخبر كالمعاينة ..».
ـ في ذلك الوقت المضطرب ، وقت الزلزلة ، تخبر الأرض بأخبارها ، وتحدّث بما عمل عليها من خير وشر ، ينطقها الله تعالى ، لتشهد على العباد ، فإخبار الأرض : هو شهادتها بما عمل عليها من عمل صالح وفاسد ، كما قال ابن مسعود والثوري وغيرهما. فالتحديث من الأرض ـ على هذا المعنى ـ حقيقة ، وكلام بإدراك وحياة يخلقها الله تعالى ، وأضاف تعالى الأخبار إليها من حيث وعتها وحصّلتها. وقال الطبري وقوم : التحديث في الآية مجاز ، والمعنى حينئذ : أن ما تفعله الأرض بأمر الله تعالى من إخراج أثقالها ، وتفتّت أجزائها ، وسائر أحوالها ، هو بمنزلة التحديث بأنبائها وأخبارها. ويؤيد القول الأول : قول النبي صلىاللهعليهوسلم الذي أخرجه البخاري والنسائي ومالك وأحمد : «فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جنّ ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة».