قال سليمان لأتباعه : غيّروا هيئة عرش بلقيس وصفته ، لنختبر حالها وننظر في قدراتها وتأمّلاتها ، فهل تهتدي إلى الحقّ والصواب ومعرفة عرشها ، أو تكون غير مهتدية إليه ، وعاجزة عن التأكّد منه؟!
فلما قدمت ، عرض عليها عرشها (سرير ملكها) وقد زيد فيه ونقص ، وقيل لها : أهكذا عرشك؟ فقالت : كأنه هو ، أي يشبهه ويقاربه. وكان جوابها ينم عن براعة وذكاء وحنكة.
وهنا قال سليمان معددا نعم الله عليه وعلى آبائه : لقد أوتينا العلم بإسلامها ، ومجيئها طائعة قبل وصولها ، وكنا في كل حال موحّدين خاضعين لله تعالى.
وكانت بلقيس قد منعها عن عبادة الله ما كانت تعبد من غير الله ، وهو عبادة الشمس ، فإنها كانت من قوم وثنيين ، كانوا يعبدون الشمس ، وكانوا كافرين بوجود الله. قيل لبلقيس : ادخلي هذا الصرح : القصر المشيد العالي ، فلما رأت مدخله الفخم ، ظنّت وجود ماء كثير فيه ، فكشفت عن ساقيها ، فقال سليمان : إنه قصر مصنوع من المرمر ومن الزجاج الصافي ، فقالت : يا ربّ ، إني ظلمت نفسي في الماضي بعبادة غيرك ، وأسلمت مع إسلام سليمان لله ربّ جميع العالمين من إنس وجنّ.
دعوة صالح عليهالسلام
لقد أورد الله تعالى في كتابه أخبار الأنبياء السابقين ، وشيئا من أصول دعوتهم إلى الله تعالى ، لتذكير قريش والعرب وغيرهم بأن كل من تقدّم من أنبياء العرب كان يدعو إلى إفراد الله بالعبادة وتوحيد الله وتمجيده ، ليدركوا خطأ ما هم عليه ، وليعلموا أن عبادة الأصنام ضلال وانحراف ، وأن شأن الأنبياء جميعهم هو الدعوة