عليهم ، ويكون ذلك اليوم شديدا على الكافرين. والغمام : سحاب رقيق أبيض جميل لم يره البشر بعد إلا ما جاء في تظليل بني إسرائيل. وذلك كما جاء في آية أخرى : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ) [البقرة : ٢ / ٢١٠]. وكان ذلك اليوم يوم القيامة على الكافرين يوما شديدا صعبا ، لأنه يوم عدل وقضاء فصل أي محاكمة حاسمة ، كما في آية أخرى : (فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (٩) عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (١٠)) [المدثر : ٧٤ / ٩ ـ ١٠].
وفي خبر رابع ، اذكر أيها الرسول يوم القيامة الذي يعض المشرك وكل ظالم على يديه ندما وحسرة ، وأسفا على ما فرط في حياته ، يقول : يا ليتني اتخذت مع رسول الله محمد صلىاللهعليهوسلم طريقا إلى النجاة والسلامة. يا ويلتي ، أي يا هلاكي احضر ، فهذا أوانك ، ليتني لم أتخذ فلانا الذي أضلني خليلا ، أي صديقا حميما ، أرداني اتباعه ، وصرفني عن الهدى ، وأخذ بي إلى دائرة الضلال.
لقد أضلني وحرفني عن ذكر الله والإيمان والقرآن ، بعد بلوغه إلي ، وكان من شأن الشيطان أن يخذل الإنسان الكافر عن الحق ، ويصرفه عنه ، ويدعوه إلى الباطل ، ويستعمله فيه.
وآية (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ ...) نزلت في عقبة بن أبي معيط ، حين مال إلى الإسلام أو أسلم ، لكن خليله الذي صادقة وهو أبي بن خلف قد نهاه عن الإسلام ، فقبل نهيه. وأبيّ هذا قتله الرسول صلىاللهعليهوسلم بيده يوم أحد ، فنزلت الآية في عقبة وأبيّ ، فالظالم : عقبة ، وفلان : أبيّ ، في قوله تعالى : (يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً (٢٨)).
والظاهر أن كلمة «الظالم» لفظ عام ، وأن مقصد الآية تعظيم يوم ، يتبرأ فيه الظالمون من خلّانهم الذين أمروهم بالظلم ، وكلمة «فلان» معناه واحد من الناس ، وليس من ظالم إلا وله في دنياه خليل يعينه ، ويحرضه على الظلم في الأغلب.