هذه أخبار تتضمن تهديدا شديدا لأهل الضلال والظلمة والمجرمين ، فإن هؤلاء المشركين في مكة الذين تمنوا نزول الملائكة لا يعرفون ما قدّر الله تعالى في ذلك ، فإنهم يوم يرون الملائكة لا يرونهم في حال خير ، وإنما في حال شر وسوء ، ولا بشرى لهم بما يفرح ، وإنما تبشرهم الملائكة بالنار وغضب الجبار ، ولهم الخسار ولقيا المكروه ، ويومئذ لا خير ولا بشرى ، ويقول الملائكة : «حجرا محجورا» أي منعا ممنوعا عليكم البشرى ، أي حراما محرّما ، أو يقول الكفرة المجرمون هذا القول كما تقول العرب ذلك إذا كرهوا شيئا. والراجح أن هذا من قول الملائكة لهم ، يراد به : حرام محرم عليكم البشرى بالمغفرة والجنة ، وبما يبشر به المتقون.
ثم أخبر الله تعالى عن إحباط أعمال الكفار ، حكاية عن يوم القيامة ، والمعنى : قصدنا في بيان حكمنا وإنفاذنا إلى محاسن أعمال الكفار في الدنيا ، التي هي في الحقيقة لا تزن شيئا ، إذ لا نية معها ، ولا ركيزة لها من الإيمان ، فجعلناها مبدّدة ، لا نفع فيها ولا خير ، كالغبار المتناثر الذي لا جدوى معه ولا فائدة ، والمراد : وصيرناها هباء منثورا ، أي شيئا لا تحصيل له ، ولا تعدل شيئا ، لفقدانها شرط القبول : وهو الإخلاص لله ، ومتابعة شرع الله عزوجل.
وفي مقابل هذه الصورة القائمة لمصير أعمال الكافرين ، يخبر الله تعالى عن حال أهل الجنة المؤمنين الصالحين ، فهم خير مأوى ومنزلا ، وأتم استقرارا ، في مكان ثابت مستقر ، يعني أن مستقر أهل الجنة خير من مستقر أهل النار.
وفي خبر ثالث تضمنته الآيات يأمر الله نبيه بأن يذكر يوم تتشقق السماء عن الغمام وتتفتح عنه ، ويكون الملك الحق الثابت المبين للرحمن ، ويتبدل نظام الكون ، وهو يوم القيامة عند انفطار السماء ، ونزول الملائكة ، ووقوع الجزاء بحقيقة الحساب ، فتنزل الملائكة ، وفي أيديهم صحائف أعمال العباد ، لتكون حجة وشاهدا